أشياء ضد القانون… والدولة اللبنانية لا تتحرك

وسام عبد الله- خاص بجمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية

17/2/2013

السوق الحرة في مطار بيروت الدولي تمارس التطبيع مع العدو الصهيوني

رغم أن القانون اللبناني ينص صراحة على تجريم أي تعامل مع شركة “إسرائيلية” مباشرة أو بالواسطة، ويعاقب الفاعل بالأشغال الشاقة المؤقتة من 3 إلى 10 سنوات، وبغرامة مادية، وبأحكام تمنع مزاولة الأعمال.  فهل تتحرك الأجهزة المعنية لفتح الملف التالي؟

فقد استوردت شركة “فينيسيا إير رينتا”، الشركة المسؤولة عن المنطقة الحرّة في مطار بيروت الدولي، ولاعات من شركة “إسرائيلية” وعرضتها بعد إزالة كل ما يشير إلى المصدر، والتخلّص من اللغة العبرية التي كانت على أغلفتها. وكانت إدارة الشركة، عندما نقلت البضاعة إلى مخازنها، قد عمّمت على الموظفين أن الكتابات الموجودة عليها هي باللغة الهندية لا العبرية.

لكن ما ادعته الشركة غير صحيح، فالكتابات الموجودة على الأغلفة هي بالعبرية، بالإضافة إلى العلامة التجارية لشركة «جيمس ريتشاردسون»، وهي شركة تأسست في ثمانينيات القرن الماضي لإدارة مطار بن غوريون. كما أن قناة الميادين الفضائية قامت بترجمة الكتابة العبرية في تقرير عرضته قبل أيام، ويفيد بأن هذه السلع تسوّق في مطار النقب. فكيف وصلت الولاعات إلى مخازن شركة “فينيسيا إير رينتا” في مطار بيروت؟

إن نيّة الشركة إخفاء الأمر والاستمرار في تسويق البضائع واضحة تماما، فلو أن الشحنة وصلت عن طريق الخطأ لكان على الشركة إبلاغ السلطات المختصة لإجراء اللازم، لكن ما حصل هو أن الشركة عرضت الولاعات في صالات البيع، بعد ما أزالت عنها كافة الملصقات باللغة العبرية، مع إبقاء الباركود الجانبي الذي تستخدمه الشركة لهذه السلعة.

إن وجود مثل هذه البضاعة يجعلنا نتساءل عما إذا كانت أجهزة الجمارك المكلفة مراقبة بلد المنشأ قد قامت بواجبها، خصوصا وأن  الاستمارات الموجودة على الصناديق تظهر أن الوجهة الأساسية كانت من تل أبيب إلى ميلانو الإيطالية، وذلك في استمارة وضعت في مطار تل أبيب، ووُضعت استمارة فوقها فور وصولها إلى مطار ميلانو، كما نتساءل عما إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي تدخَل فيها بضائع كانت موجودة في إسرائيل إلى لبنان؟ ولماذا لم تتخذ أي إجراءات بحق الشركة حتى الآن؟

أهمية القضية لا تكمن في القيمة المادية للسلع، أو في مردودها المادي على الدولة الصهيونية، بل في خطورة القبول بفكرة تسويق السلع “الإسرائيلية في لبنان، تمهيدا للتطبيع الشامل.

…. والأمن العام اللبناني يسمح بعرض فيلم ضد القضية الفلسطينية
 

سمح الأمن العام اللبناني بعرض فيلم “الصدمة” للمخرج اللبناني- الأمريكي زياد الدويري، والذي جرى تصويره في تل ابيب وقامت ببطولته ممثلة “إسرائيلية” هي ريموند أمسلام. وهو مأخوذ عن روايه الكاتبة الجزائري ياسمينا الخضرا، ويتحدث عن قصة طبيب فلسطيني يُكّرم في “إسرائيل” على مسيرته المهنية. لكنّ زوجته تقوم بعملية “انتحارية” في تل أبيب، يذهب ضحيتها “أطفال عزّل”.

المخرج الدويري، وفي حوار طويل مع صحيفة الحياة، ورغم ادعائه أن الفيلم لا يعدو أن يكون قصة حب تدفع البطل للمصالحة مع نفسه، إلا أنه يكشف في الحوار المذكور انتماءه الحقيقي وانحيازه العميل عندما يقول “أنا عشت في تل أبيب لسنة. تنقلت فيها وتكلمت مع الناس، واكتشفت أن تصرفهم الشاذ والعنف لا يأتيان بفعل الكراهية أو العنصرية فحسب، بل أيضا بداعي الخوف”. كما أن ما قاله عن الاستشهاديات وطعنه في أخلاقهن وفي الدوافع الوطنية لما يقمن به يعتبر إدانة واضحة لادعائه بأن الفيلم لا يقف ضد القضية الفلسطينية. فبهذا الصدد يقول “اشتغلنا سنة تقريبا ليلا ونهارا لمعرفة أسباب إقدام الانتحاريات على تفجير أنفسهن…. واللافت في شهادات هؤلاء أن الأسباب لا علاقة لها بالقضية في بعض الأحيان. فمنهن من حاولت تفجير نفسها بعدما اكتشفت أنها حامل… ومنهن من كان لها أخ عميل ودفعها تطهير شرف العائلة إلى ذلك”.

إن كون الفيلم قد عرض في أكثر من مهرجان دولي، وانتزع جائزة السعفة الذهبية في مهرجان مراكش السينمائي. وعرض في مول الامارات في دبي، وهما دولتان يفترض أنهما عربيتان. وكونه قد بيع لأكثر من 43 دولة في العالم لا يعني أنه ليس فيلما تطبيعيا يروج لـ”إسرائيل والصهيونية”، ويعطيها الحق فيما ترتكبه ضد الفلسطينيين من مجازر، رغم أن كل قومي عربي أصيل يدرك تماما أن “إسرائيل” دولة قامت على أرض الفلسطينيين وعذاباتهم وتشردهم، ولا حق لها في الوجود أصلا.

الأهم من ذلك، أن سماح الأمن العام اللبناني بعرض الفيلم في لبنان تحديدا له وقع آخر. فلبنان هو معقل حزب الله  الذي يقف ضد إسرائيل مقاوما، وهو متاخم لحدود تلك الدولة، “إسرائيل”، والجنوب اللبناني يعاني كل يوم من اعتداءات هذه “الدولة!” فكيف يمكن لمن سمح بعرض الفيلم أن يفكر مجرد تفكير بعرضه في صالات السينما اللبنانية.

إننا في جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية، نقف ضد الإجراءات المنقوصة التي تسمح بدخول بضائع “إسرائيلية” إلى السوق اللبنانية، كما نقف بشدة ضد القرار الذي اتخذه الأمن العام اللبناني، ونأمل أن يتراجع عنه ويمنع عرض الفيلم المسيء للقضية الفلسطينية.