ورقة عمل لملتقى جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية حول المفاوضات
المنعقد في عمان في 25 أيلول 2010 علي حتر
(نوقشت الورقة ونقحت حسب توصيات وملاحظات المشاركين في الملتقى)
ورد في التوراة، في الفصل 20 من سفر تثنية الاشتراع، في الآيات 10-16، ما يلي:“10 حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدْعِها إلى الصلح، 11 فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبد لك، 12 وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربا، فحاصرها، 13 وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، 14 وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك، 15 هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا، 16 وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما، 17 بل تحرمها تحريما: الحثيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين، كما أمرك الرب إلهك”.. |
تجري المفاوضات بين الكيان الصهيوني المغتصب للأرض العربية وسلطة رام الله غير الشرعية، ضمن إطار:
– يحاول أن يجعلها بديلة للصراع الحقيقي، ويهدف من خلالها إلى إشغال أمتنا عن القضية الكبرى المتمثلة باغتصاب أرضنا وتفتيتنا ونهب مواردنا ومنعنا من الالتحاق بركب الأمم المتطورة
– يحولها من تفصيلة حقيرة ضمن صراع الوجود الطويل في كل الميادين، إلى معركة غرف مغلقة بديلة للصراع كله.. تحت رعاية عدو الأمة الأكبر أمريكا، ليُقَرَّ فيها تثبيت نهج الاستسلام وإعطاء غطاء الشرعية للاغتصاب.
– يحولها من هدف للنظام الرسمي العربي، في عُزلة عن الأمة، لتبدو وكأنها هدف لكامل الأمة.. ولأهلنا الصامدين في الأرض المغتصية، والمشردين المقهورين في الشتات، والذين تعمل السلطة المفاوضة بكل طاقتها، على عزلهم عن الأمة، ودفعهم للإقتناع أن المعركة معركتهم وحدهم..
– يحاول بها إدخال النظام العربي الرسمي في معاركه مع دول المنطقة وشعوبها، وتحويل أنظارنا عما يخطط مع أمريكا للمنطقة من حروب ومشاريع سيطرة واستعباد.
والنظامُ العربي الرسمي الراضي بالاستسلام في مبادرته العربية للسلام، والمتخلي عن دوره في المعركة، يدعم في هذا، السلطةَ المفاوضة غير الشرعية وغير المؤهلة لتمثيل شعبنا، تحت شعار حق تقرير المصير، والقرار الفلسطيني المستقل، وهما كما يريدون
– تقرير مصير مرتبط بالإرادة الأمريكوصهيونية
– وقرار مستقل عن إرادة أمتنا تابع لإرادتهم..
ولهذه المفاوضات الجارية حاليا، عدا عن الانعكاسات النفسية والثقافية والأدبية، انعكاسات مادية على كل المنطقة، تحقق الأهداف التي جاءت منذ قرن كامل، في:
– اتفاقية سايكس بيكو
– وفي تقرير لجنة بانرمان كامبل
وفيهما الدعوة لتفتيت المنطقة ومنعها من الوحدة والتطور.. بمساعدة السايكسبيكويين المنتشرين والمزروعين في مساحات وطننا الكبير.. وبشكل خاص في دول الطوق.. وبشكل أكثر تركيزا في لبنان وشرق الأردن..
كذلك تجري هذه المفاوضات ومن أهدافها تحقيق رغبات الزعامات، التي تريد أن يُسجّل لها تقديم بعض الإنجازات، مثل:
– أوباما
– وبعض الزعامات العربية المتعددة الأهداف، التي ليس بين أهدافها تقديم تنازلات للشعب المحكوم لها، أو تحقيق مصلحته، مع استعدادها لخدمة المشروع الأمريكوصهيوني، الذي من بين أهدافه حماية استمراريتها..
إن أولى نتائج المفاوضات هي:
– إعطاء الشرعية لوجود الكيان الصهيوني الغاصب ولاغتصابه الأرض وما عليها وما في جوفها
– إقرار بهيمنة أمريكا على المنطقة وسياساتها..
إن هذه المفاوضات لا يمكن أن تقدم أي حلول تخدم الأمة أو حتى تخدم أهل المناطق المغتصبة وحدهم لارتباط مصالحهم بمصلحة الأمة، لأن أي معاهدة أو اتفاق يعقد مع أمريكا أو “إسرائيل”، وهما عدوا أمتنا الرئيسيان الحقيقيان، لا يمكن أن يعقد في ظل ضعف النظام العربي الرسمي المهزوم المأزوم المتهافت، دون الأمة، على أي تسوية تضمن حماية شخوصه ومصالحهم.. حتى لو حقق ذلك مصالح أمريكا و”إسرائيل”.. وفي معاهدات وادي عربة وكامب ديفيد وأوسلو خير البراهين على ذلك..
فكيف يمكن “لإسرائيل” القائمة على اغتصاب الحقوق، أن تعيد الحقوق بلا قوة؟؟
وكيف يمكن لأمريكا الطامعة بمواردنا أن تتنازل عن “استمرار ضعفنا”، وهذا الضعف هو الذي يحمي سرقاتها ونهبها لثرواتنا.. وفي العراق خير برهان..
وكيف يمكن للرباعية التي ساهمت من خلال لجنة بانرمان كامبل في إنشاء الدولة الصهيونية، أن تعمل على إحداث أي نوع من الضرر في مشروع ساهمت في خلقه لحماية مصالحها أيضا؟
من الواضح رغم كل التنازلات الرسمية إن كيان الاغتصاب الصهيوني التلمودي، الذي لا يحترم إلا مصالحه.. ويحتقر حتى حلفاءه، لا يتردد ولا يتراجع إلا أمام القوة التي قهرته في لبنان، والتي جعلته يهرب من غزة.. ولماذا يتراجع أمام سلطة فاسدة أمعن بزرعها بعشرات العملاء الذين طالب رسميا قادة السلطة ألا تتعرض لهم..
o في ظل معرفته بفسادها وبكل صغيرة وكبيرة لديها
o وفي ظل حراس دايتون الذين يعرف كل قطعة سلاح لديهم
o وفي ظل رئيس لها يعلن صراحة “إن أمن إسرائيل هو أمنه وأمن سلطته”، وأعلن قبول يهودية الدولتهم وأعلن أنه “لن ينفي حق الشعب اليهودي على أرض فلسطين المحتلة”
وأمام فهمه للنظام العربي الرسمي الضعيف
وفي ظل تأكيد أمريكا أنها لن تتخلى عنه مهما فعل، حتى لو أغضبها أحيانا
إن هذا العدو لا يمكن أن يوافق على أي حلول ذات قيمة لأمتنا، لأنها حتما تتعارض مع وجوده، لكنه يمكن أن يقدم بعض التنازلات المرحلية:
– لتزيين منظره أمام العالم
– وإرضاء بعض حلفائه وحماية ماء وجههم
لكن تنازلاته ستكون مشروطة أولا وقبل كل شيء:
بقدرة هذه التنازلات على إدخال أمتنا في متاهات وخلافات وصراعات:
– تبدأ بالتفتيت السياسي والاجتماعي لهذه الأمة
– وتقودها إلى الصراعات الذاتية الدموية كما حصل في صبرا وشاتيلا وأيلول ونهر البارد والعراق واليمن.. وما يخطط له اليوم في لبنان وفي فلسطين ذاتها..
– تضمن ديمومة دولة العدو وسيطرتها على:
o القرار السياسي
o القرار العسكري
o القرار الاقتصادي
o القرار الثقافي
o الأمن المائي
ويعيش بيننا كثيرون ممن ينتظرون، ومنهم من تلقّى، إشارة للبدء بتنفيذ مخططات التفتيت والفتنة..
إن هذا العدو الذي تُمثل قياداته قطعان المستوطنين المتوحشة المسلحة، تمثيلا حقيقيا.. وفي ظل تركيبته التي لا تسمح لصانع القرار فيه بالخروج على إرادة قطعانه، كما حصل لرابين، حريص ألا يقدم أي تنازلات تُهيِّج هذه القطعان ضده، حتى لو مقابل وعْدِها:
– بالحصول على “الإقرار بشرعية وجوده” وقد حصل من النظام العربي الرسمي على ذلك قبل هذه المفاوضات
– وبالحصول على التنازل العربي له عما اغتصب، وقد حصل أيضا على ذلك قبل المفاوضات
وفي مسألة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فإن العدو يختلف عن النظام العربي الرسمي الذي يحاول دائما أن يجعل المحكومين له إلى قطعان لا تهيج ولا يحترم إرادتها وحقوقها..
ولهذا، فالعدو، في غياب القوة والمقاومة:
– لا ولن يتوقف عن الاستيطان الذي قد جاء أصلا لتنفيذه في المنطقة..
– ولا يقبل الانكماش إلى حدود 1967 وإلى دولة عرضها عشرة كيلومترات.. لأن ذلك يتعارض مع ضمانات ديمومته..
– ولن يتنازل عن الجولان بدون قوة لأن مياه الجولان من ضمانات ديمومته..
إنه هو لا يتراجع إلا أمام القوة كما تراجع في لبنان وغزة..
ولكل هذا ولغيره.. فإن العدو يضع المفاوضين أحيانا في مواقف محرجة.. مما يجعل هذه المفاوضات أبدية بلا سقف زمني، وقد بدأت فعلا منذ قرابة العقدين، وعبثية تعبث بمصالح أمتنا ومصيرها،
وسيجلب المنطقة خلال أبديّتها المستمرة إلى معارك تساعده على:
– تثبيت أقدامه على الأرض
– وتثبيت واقع على الأرض يخدم مشروعه مثل المستوطنات والاستيطان والتطبيع والعلاقات الاقتصادية المتمثلة بالمشاريع المشتركة والطرق المشتركة وتغيير المناهج إلخ.. مع التنبيه إلى إن المحاكم الصهيونية قد أجازت للمستوطنين أن يستمروا بالبناء، حتى لو حاول نتنياهو منعهم.. بمجرد انتهاء فترة تجميد الاستيطان (أواخر أيلول 2010)..
– تشويه صورة المقاومين والتشكيك بهم، وغرس ثقافة الهزيمة وفكرة العجز عن هزيمته في في وعي الشعب العربي وجر المقاومين إلى ساحة المفاوضات والاستسلام، في مشاريع تسووية بقيادة السلطة المستسلمة حتى العظم، وبغطاء الضغوط الرسمية العربية، كما تحاول اليوم السلطة فعله مع حركة حماس في ما يسمى “المصالحة الفلسطينية”، بين مقاوم ومساوم.. وكلنا ثقة ألا تقع المقاومة في فخ يعتمد على خارطة الطريق التي تنص في أول بنودها على اجتثاث المقامة ذاتها، مع الإشارة إلى إصرار عزام الأحمد مندوب السلطة إلى الحوار مع حركة حماس، بع الاجتماع مباشرة، إلى أن السلطة لن تقبل أي تعديل على ما طرحته في السابق..
– ومواصلة العمل على تشجيع الجماعات السايكسبيكوية لزرع الفتن، وهي الجماعات التي تنتشر اليوم شرق الأردن وفي لبنان وفي فلسطين من وطننا الكبير.. وحتى في مصر والعراق تحت شعارات “الأردن اولا” و”لبنان أولا” و”العراق أولا” و”مصر اولا”.. وشعار “يا وحدنا” العرفاتي..
وهو معني في تحويل الفتن للتجاوز الاخترقات السياسية، إلى الصراعات الدموية.. ما دامت مسارح الجوانب الدموية من هذه الفتن، تقع في الساحات العربية في لبنان وشرق الأردن، والعراق وأي ساحة عربية لكن خارج الحدود الأرض المغتصبة.. ليفرض، لا السياسات وحدها، بل الحلول المادية الجغرافية الديموغرافية العبورية.. وهي تتحدى كل الخطابات والهتافات والأناشيد التي بها لن نستطيع أن “نقلع العين التي لدّت تلانا”..
وقد برز الموقف الصهيوني من شرق الأردن:
– من خلال المواقف اليهودية المتكررة التي تعتبره بقية الوطن القومي اليهودي عقائديا..
– ومن اعتباره مساحة ضرورية للسيطرة على المياه
– واعتباره عمقا عسكريا يفصل الكيان الصهيوني عن العراق،
– واعتباره طريقا عبوريا إلى العراق وبتروله.. كما جاء في صحيفة معاريف قبل أيام.. حول سكة الحديد التي أعلن نتنياهو عن قرار إسرائيل بإنشائها بين حيفا والغور، وأعلن الملك كما تقول الصحيفة، عن مشروع سكة من الحدود العراقية إلى الغور واتفقا على التقاء السكتين في وادي الأردن (كتبت عن ذلك شخصيا في السبيل 24 أب عام 2008)..
– واعتباره طريقا للتصدير إلى الوطن العربي كما نعرف
– وسوقا قريبا للبضائع الصهيونية، وإن كان صغيرا لكنه يخدم صغار المستثمرين اليهود
– ولاعتبار شرق الأردن، أول المناطق المرشحة لتكون وطنا بديلا مرحليا، لمن يجب أن يطردوا من أهلنا، لأفساح المجال لتوطين المنتظرين من المهاجرين اليهود الجدد، أو للتوسع الاستيطاني الطبيعي الذي ينتج عن النمو الطبيعي لأي مجتمع مهما كانت طبيعته..
إن هذه الأسباب فيزيائية مادية.. ولا يمكن أن يمتلئ وعاء بماء ذي حجم أكبر من حجم الوعاء مهما صرخ السياسيون.. فإما أن يوقف الماء أو يكسر الوعاء أو يفيض إلى محيطه..
والسائل هو المهاجرون اليهود الجدد ولن يتوقف تدفقهم إلا بالقوة
والوعاء هو فلسطين ولا يمكن تكسيرها
والمحيط هو شرق الأردن.. ولبنان والجولان وسيناء مصر
وسيناء تحت السيطرة حين اللزوم حسب معاهدة كامب ديفيد، واغتصابها يلزم مصر الرسمية بالعودة إلى دائرة الصراع.. أي أنها مرتفعة الكلفة
ولبنان قاوم فخرج من المعادلة مرحليا
وهضبة الجولان مغتصبة منذ 43 سنة.. ومن الأفضل لهم أن تستمر هكذا.. دوا أن يدفع العملاق السوري ليفعل أكثر مما يفعل الآن في دعم المقاومة اللبنانية..
وبقي شرق الأردن.. هو الحل الوحيد.. فمن يمنعهم؟؟
إن إصرار اليهود على يهودية الدولة، جاء في إعلان استقلال إسرائيل عام 1948،
جاء في وثيقة الاستقلال لإنشاء الكيان الصهيوني عام 1948:“وعليه فقد اجتمعنا نحن أعضاء مجلس الشعب، ممثلي المجتمع اليهودي في البلاد والحركة الصهيونية في يوم انتهاء الانتداب البريطاني على أرض إسرائيل، وبحكم حقنا الطبيعي والتاريخي بموجب قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، نعلن عن إقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل وهي “دولة إسرائيل”. |