في 29/11/1947 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 181 الذي ينص على تقسيم فلسطين إلى دولتين واحدة عربية وأخرى يهودية بناءً على خطة “اللجنة الخاصة حول فلسطين” التي كانت الأمم المتحدة قد كلفتها في 15/5/1947 بوضع مقترحات أو خطة تحدد وضع فلسطين السياسي بعد انتهاء الانتداب البريطاني رسمياً في منتصف ليل يوم 14/5/1948. فجاءت تلك اللجنة الخاصة بمقترح يقسم فلسطين إلى دولة عربية على 43،53% ودولة يهودية على 56،47% من فلسطين التاريخية ويجعل القدس منطقة دولية. وكانت المنطقة العربية تضم عشرة آلاف يهودي وأكثر من 800 ألف عربي، وكانت المنطقة اليهودية حسب الخطة تضم حوالي 500 ألف يهودي و325 ألف عربي، وتضم القدس الدولية حوالي مئة ألف من العرب ومثلهم من اليهود.
كان يفترض بالقرار لكي يمر أن ينال ثلثي أصوات الحاضرين المصوتين من أعضاء الجمعية العامة، أي أن النسبة لا تحسب من كل الأعضاء، بل فقط من الذين يحضرون الاجتماع ولا يمتنعون عن التصويت. وبعد جهود حثيثة للحركة الصهيونية العالمية صوتت 33 دولة مع القرار و13 ضده، وغابت أو امتنعت عن التصويت إحدى عشرة دولة، وجاءت نسبة المصوتين بنعم 72% من الجمعية العامة، أي أنها تجاوزت نسبة الثلثين المطلوبة ليمر القرار، ونسبة المصوتين بلا 28%. وقد صوتت كل الدول العربية والإسلامية الحائزة على عضوية الأمم المتحدة آنذاك بلا بالإضافة للهند واليونان وكوبا التي دعمت الدول العربية والإسلامية، لكن نتيجة التصويت كرست ما اعتبره العالم ولا يزال يعتبره، وما اعتبرته الحركة الصهيونية العالمية بالضرورة، نتيجة منح “إسرائيل” دولياً مشروعية الوجود.
ولم يطبق القرار طبعاً، فمهمته لم تكن منح العرب شيئاً إنما تأسيس المشروعية القانونية والدولية لقيام الكيان الصهيوني، ولذلك فإن من يقولون اليوم أن العرب ضاعت عليهم فرصة كبيرة برفضهم لقرار التقسيم يتجاهلون حقيقة أن العالم أقره رسمياً ولكنه لم يطبق لأن المطلوب منه تحقق وهو منح الكيان المشروعية والغطاء الدولي.
بهذا جاء قرار التقسيم تتمةً لاتفاقية سايكس-بيكو التي قسمت بلادنا ومن ثم تتمةً لقرار عصبة الأمم في العام 1922 بمنح بريطانيا الوصاية على جنوبي بلاد الشام أي على فلسطين. فالاحتلال وقيام الكيان الصهيوني ما كان من الممكن أن يتما لولا تجزئة بلادنا، وتأسيس الكيان الصهيوني ما كان من الممكن أن يتلقى الدعم لولا الحاجة الاستعمارية لإبقاء مشرق الوطن العربي منفصلاً عن مغربه منذ ما قبل صعود محمد علي باشا ومشروعه الوحدوي في مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
إن قرار تقسيم فلسطين أو قرار الأمم المتحدة رقم 181 يمثل واحداً من أكبر المظالم التي عرفها التاريخ البشري لأنه يعطي أرضاً عربية منذ التاريخ القديم، منذ سكنها الكنعانيون العرب، وحكم ملكي صادق القدس، لأشتات من الأقوام القادمة من كل حدبٍ وصوب بذريعة أنها “أرض الميعاد” ومن أجل تحقيق هدف تقسيم الوطن العربي وإضعافه.
وقد أثبتت الأمم المتحدة بهذا أنها ألعوبة بيد القوى الكبرى وبيد الحركة الصهيونية العالمية، وبعد انتهاء الانتداب البريطاني سيطرت الحركة الصهيونية على 78% من فلسطين، لا على 56% فحسب كما نص قرار التقسيم. ثم احتلت ال22% الباقية في العام 1967، فقامت الأمم المتحدة بتكريس مشروعية السيطرة الصهيونية على 78% من فلسطين من خلال القرار 242 الداعي للانسحاب “الإسرائيلي” من الأراضي أو من أراضٍ (حسب النص) احتلت في العام 67!!!
في الحالتين اضفت الأمم المتحدة المشروعية على الاحتلال الصهيوني، وفي الحالتين علينا أن نفهم أن قرارات ما يسمى “الشرعية الدولية” بصدد فلسطين هي قرارات صدرت دوماً لتشرعن المصلحة الصهيونية في مفصل تاريخي ما، وهي ليست قرارات محابية لنا على الإطلاق.
نؤكد بالتالي أن عروبة فلسطين، كل فلسطين، لا تستند لأية قرارات دولية أو غير دولية، بل للحق العربي التاريخي بأرض فلسطين، لهوية أرضنا التاريخية أرض كنعان التي لا يسقط حقنا فيها بالتقادم مهما طال الزمن.
ففلسطين ستبقى عربية على مر الألفيات ولتذهب الأمم المتحدة وقراراتها بصدد فلسطين إلى الجحيم، ولتذهب معها كل المعاهدات الرسمية العربية مع العدو الصهيوني التي تضفي المشروعية على ما احتله العدو الصهيوني من أرض فلسطين.
ولهذا نعلن اعتصام جك رقم 245 يوم 27/11/2014 مناسبة لتجديد رفضنا لكل تلك المعاهدات والقرارات التي تشرعن الكيان الصهيوني وأولها قرار التقسيم، أو قرار الأمم المتحدة رقم 181.
شاركنا في أطول اعتصام في تاريخ الأردن.
شاركنا في اعتصامنا الأسبوعي رقم 245، يوم الخميس 27 تشرين ثاني ٢٠١٤، من الخامسة والنصف حتى السادسة والنصف مساءً، رفضنا لوجود السفارة الصهيونية في عمان، ومطالبتنا بإعلان بطلان معاهدة وادي عربة.
من أجل أردن خالِ من الصهيونية، شارك بالاعتصام الأسبوعي كل خميس على رصيف جامع الكالوتي في الرابية احتجاجاً على وجود السفارة الصهيونية في الرابية.
احتجاجنا ضد وجود سفارة العدو الصهيوني في عمان ليس موسمياً ولا عارضاً، وليس ردة فعل ضد المجازر الصهيونية فحسب.