علما تركيا والكيان

 

تدعوكم جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية للمشاركة في محاضرة بعنوان: تفكيك الخرافة، السلطان عبد الحميد الثاني ودوره في تسهيل السيطرة الصهيونية على فلسطين يوم السبت الموافق 16/11/2013 في الساعة السادسة مساءً في مقر جمعية المناهضة في اللويبدة شارع بيرم التونسي العمارة رقم 10.

 

تلقي المحاضرة د. فدوى نصيرات المتخصصة بالتاريخ، خاصة التاريخ العربي الحديث منذ ما قبل عصر النهضة، والتي سبق أن نشرت كتباً ودراسات ومقالات مهمة حول أعلامه ونشوء الحركة القومية العربية.

 

وتعد د. نصيرات لنشر كتاب بنفس عنوان المحاضرة سيصدر قريباً، وتتناول في محاضرتها في جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية الأسئلة التالية:

 

       كيف يمكن تفسير أو حل لغز التناقض بين القرار السلطاني بمنع بيع أرض فلسطين لليهود ومخالفة هذا القرار خلال حكم السلطان عبد الحميد الثاني، بحيث تمكن اليهود من شراء أراضٍ شاسعة في كل المدن والقرى الفلسطينية ؟

       لماذا سمح بتشييد أو إقامة المستعمرات الصهيونية على أرض فلسطين بحيث تجاوزت (68) مستعمرة زراعية وتجارية و (33) قوميونية مع نهاية عهده ؟

       ألم يكن عبد الحميد الثاني على علم بموجات الهجرة المتعاقبة إلى فلسطين والتي سمحت بزيادة عدد اليهود فيها في الفترة  1882-1908م من 5 آلاف إلى 80 آلف يهودي ؟

       كيف لنا أن نفسر المفاوضات التي دارت بين عبد الحميد الثاني وهرتزل مؤسس الحركة الصهيونية، سواء عبر المقابلات الشخصية أم الرسائل الورقية في الفترة ما بين 1896-1903م ؟

       ما موقف السلطان عبد الحميد الثاني من النشاط الاقتصادي الصهيوني المتمثل في إقامة الشركات الاستثمارية الكبرى من أجل خدمة المستعمرين الصهاينة ؟

       بماذا تمثلت ردود السلطان عبد الحميد الثاني على العرائض والشكاوى المستمرة من أهالي فلسطين والمطالبة بوقف الهجرة وبيع الأراضي ؟

       هل قدمت الدراسات التاريخية لموقف السلطان عبد الحميد الثاني من النشاط الصهيوني على أرض فلسطين صورة مطابقة لما حدث على أرض الواقع ؟

 

وتجدون تفاصيل أكثر حول مضمون المحاضرة أدناه…

 

والدعوة عامة.

 

للمشاركة على الفيسبوك:

 

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=226901447478265&set=a.117281655106912.23229.117138758454535&type=1

 

 

 

 

 

تفكيـك الخرافــة

السلطان عبد الحميد الثاني ودوره في تسهيل

السيطرة الصهيونية على فلسطين

1876 – 1909 م

 

 

د. فدوى نصيرات

 

 

 

 

 

 

        تحاول هذه الدراسة تقديم قراءة تاريخية تحليلية لموقف السلطان عبد الحميد الثاني منذ بدايات السيطرة الصهيونية على الأرض في فلسطين، والتي تزامنت مع بداية حكمه 1876م، وتوليه عرش السلطنة العثمانية . وقد لاحظت أن هناك حاجة ماسة إلى دراسة هذا الموقف بسبب خلو المكتبة العربية من دراسة تاريخية نقدية تكشف عن طبيعة هذا الموقف وتجلياته وآثاره في نشأة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين . وكان الاعتماد أولاً على المصادر والمراجع التي تناولت تاريخ هذه المرحلة من حياة السلطان عبد الحميد الثاني، بالإضافة إلى المذكرات والأدبيات والصحف والمجلات العربية والإنجليزية فضلاً عن الكتابات المعاصرة التي بحثت في تاريخ فلسطين الحديث والمعاصر .

        نتوقف في هذه المحاضرة – بحثاً وتحليلاً واستنتاجاً – عند موقف السلطان عبد الحميد الثاني منذ بدايات السيطرة الصهيونية على الأرض في فلسطين في الفترة ما بين ( 1876-1909م)، وهي المرحلة التي بدأت فيها طلائع الصهاينة بالهجرة إلى فلسطين وبداية تأسيس المستعمرات بشكل منظم، وشكلت أيضاً بدايات السيطرة الاقتصادية من تأسيس البنوك والشركات التي تُعنى بنشاط الحركة الصهيونية وتدفع بها نحو تحقيق أهدافها . وكان الباعث الأساسي لاختيار هذا الموضوع للدراسة هو الكشف عن موقف السلطان عبد الحميد الثاني من الحركة الصهيونية ومدى قدرته على حماية الأرض والمقدسات، ومنع امتداد هذا النشاط وتزايده وهو الذي شكل النواة الأولى لتأسيس دولة الصهاينة على أرض فلسطين فيما بعد .

وسنستعرض الأوضاع العامة للدولة العثمانية إبان حكم عبد الحميد الثاني، إذ مرت الدولة العثمانية خلالها بأزمات دولية وأخرى داخلية هددت مصير الأمبراطورية ووحدة أراضيها. ووضحت الدراسة الطريقة التي تعامل بها عبد الحميد الثاني لمواجهة هذه الأزمات، التي كانت سبباً في الانتقادات الشديدة التي وجهت إلى نظام حكمه لاحقاً .

وسنتحدث عن ملامح شخصية عبد الحميد الثاني التي تميزت بالذكاء والحنكة السياسية، لما في ذلك من أهمية في توضيح الدور الذي لعبه تجاه الحركة الصهيونية لاحقاً .

كما يستم الحديث عن موقف السلطان عبد الحميد الثاني من الهجرة الصهيونية إلى فلسطين، وأوضاع اليهود العامة في الدولة العثمانية، إذ تمت معاملتهم وفق نظام الملل العثماني، ومنحوا استقلالاً ذاتياً في الطقوس الدينية والتعليم، وتمتعوا بمنافع الامتيازات الأجنبية التي أعطيت للرعايا الأجانب .

ونشير إلى البدايات الأولى للهجرة اليهودية إلى فلسطين والظروف التي دفعت بهم لهذه الهجرة وبخاصة ما بعد حادثة اغتيال قيصر روسيا والمساعدات الأجنبية التي تلقوها لهذا الغرض . ونوضح السياسة التي اتبعها السلطان عبد الحميد الثاني تجاه الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والتي تميزت بالتناقضات الشديدة في أوامر المنع وفشل التدابير العملية التي اتخذتها الإدارات المحلية  والمركز أيضاً في إيقاف الهجرة مما أدى إلى تزايد تدفق أعداد المهاجرين ومن ثَمَّ الإخفاق في منع التسلل اليهودي إلى فلسطين .

ونتحدث عن موقف السلطان عبد الحميد الثاني من الاستعمار الصهيوني على أرض فلسطين، و المراحل التي مرت بها حركة الاستعمار الاستيطاني، للحديث و عن أهم المستعمرات الصهيونية التي نشأت على أرض فلسطين، وكذلك الأحياء اليهودية التي نشأت بمساعدة الجمعيات الصهيونية في أوروبا، كما نتوقف عند أهم الأجهزة والأدوات والمؤسسات والجمعيات التي أسست بهدف دعم عملية الاستعمار الصهيوني لفلسطين، والتي بدأت نشاطها فترة حكم عبد الحميد الثاني .

وأخيراً عن النتائج التي ترتبت على السياسة التي اتبعها السلطان عبد الحميد الثاني تجاه حركة الاستعمار الصهيوني، والتي تمثلت بتغلغل الصهاينة على أرض فلسطين، سواء عبر شراء الأراضي أو بناء المستعمرات، وتأسيس البنوك والشركات الكبرى التي شكلت نواة الدولة الصهيونية لاحقاً .

ويشتمل الحديث على عرض للأهداف التي انطلقت منها المفاوضات بين هرتزل وعبد الحميد الثاني والتي امتدت لست سنوات إذ هدف هرتزل منها إلى السيطرة على فلسطين والحصول على ( Charter) أو وثيقة فرمانية من السلطان عبد الحميد الثاني تسمح له بتملك أرض فلسطين وباعتراف دولي بهذا الحق مقابل تسوية ديون الدولة العثمانية، وإنعاش اقتصادها عبر أنشطة اقتصادية يقوم بها كبار الأثرياء اليهود داخل الدولة العثمانية. ونتوقف بعدها عند آراء المؤرخين ومحاولات تسويغهم لهذه المفاوضات . ومن ثم الحديث عن الأسباب التي أدت لفشل هذه المفاوضات لاحقاً،  والتي كان من أبرزها فشل هرتزل في الحصول على الدعم المالي اللازم من كبار الأثرياء اليهود الذين تناقضت سياستهم مع سياسته في استعمار فلسطين، ومع المنطلق الذي قامت عليه هذه المفاوضات ومن ثَمّ ازدياد المعارضة الشعبية لحكم عبد الحميد الثاني. ولم يتمكن هرتزل من الحصول على الوثيقة بشكل “مباشر” .

ونظهر النتائج التي تمخضت عن هذه المفاوضات وكان من أبرزها انتزاع هرتزل اعترافاً عالمياً بالمنظمة الصهيونية العالمية وضمان حقوق إقامة دولة الصهاينة في فلسطين .

وأخيراً  نكشف عن الموقف الشعبي تجاه النشاط الصهيوني في فلسطين وموقف السلطان عبد الحميد الثاني منه، وبيان حجم الدور الذي لعبته الزعامات المحلية والسكان المحليين والصحافة العربية في إيقاف الهجرة الصهيونية ومنعها من التسلل إلى أرض فلسطين سواء عبر العرائض أو الشكاوي التي رفعها أهالي فلسطين إلى السلطان عبد الحميد الثاني  مطالبين من خلالها بإيقاف هذه النشاطات، وهي تعبر عن عمق الإحساس عند أهالي فلسطين والمنطقة واستشعارهم المبكر للخطر الصهيوني، أو عبر المقالات التي نشرت في الصحف الكبرى والتي نبهت السلطان عبد الحميد إلى الخطر الصهيوني وطالبته باتخاذ موقف حازم تجاه حركة الهجرة والاستعمار الصيهوني، وكان ذلك دليلاً آخر على تساهل عبد الحميد تجاه الهجرة الصهيونية مما ساعد على  تأسيس دولتهم على أرض فلسطين .

ومن هنا سنحاول الاجابة على الاسئلة التالية:-

       كيف يمكن تفسير أو حل لغز التناقض بين القرار السلطاني بمنع بيع أرض فلسطين لليهود ومخالفة هذا القرار خلال حكم السلطان عبد الحميد الثاني، بحيث تمكن اليهود من شراء أراضٍ شاسعة في كل المدن والقرى الفلسطينية ؟

       لماذا سمح بتشييد أو إقامة المستعمرات الصهيونية على أرض فلسطين بحيث تجاوزت (68) مستعمرة زراعية وتجارية و (33) قومبونية مع نهاية عهده ؟

       ألم يكن عبد الحميد الثاني على علم بموجات الهجرة المتعاقبة إلى فلسطين والتي سمحت بزيادة عدد اليهود فيها في الفترة  1882-1908م من 5 آلاف إلى 80 آلف يهودي ؟

       كيف لنا أن نفسر المفاوضات التي دارت بين عبد الحميد الثاني وهرتزل مؤسس الحركة الصهيونية، سواء عبر المقابلات الشخصية أم الرسائل الورقية في الفترة ما بين 1896-1903م ؟

       ما موقف السلطان عبد الحميد الثاني من النشاط الاقتصادي الصهيوني المتمثل في إقامة الشركات الاستثمارية الكبرى من أجل خدمة المستعمرين الصهاينة ؟

       بماذا تمثلت ردود السلطان عبد الحميد الثاني على العرائض والشكاوى المستمرة من أهالي فلسطين والمطالبة بوقف الهجرة وبيع الأراضي ؟

       هل قدمت الدراسات التاريخية لموقف السلطان عبد الحميد الثاني من النشاط الصهيوني على أرض فلسطين صورة مطابقة لما حدث على أرض الواقع ؟

والهدف  هو الإجابة عن جميع هذه الأسئلة إيجازاً أو تفصيلاً، وإظهار الثغرات التي ما زالت تكتنفها، أو تفنيد المنطلقات المتحيزة التي أخذ بها معظم المؤرخين اعتماداً على مقولة السلطان الشهيرة لهرتزل “أنصحه أن لا يسير أبداً في هذا الأمر لا أقدر أن أبيع ولو قدماً واحداً من البلاد، لأنها ليست لي بل لشعبي لقد حصل شعبي على هذه الأرض بإراقة دمائهم وقد غذوها فيما بعد بدمائهم وسوف نغطيها بدمائنا قبل أن نسمح لأحد باغتصابها منا ليحتفظ اليهود بملايينهم “.

·        إن هذه النظرة السائدة والشائعة في كثير من الكتابات والمنشورات العثمانية والعربية باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى التعديل والتصحيح .فالسلطان عبد الحميد يتحمل مسؤولية كبيرة جدا, إن لم نقل المسؤولية الاكبر, في تسرب اراضي فلسطين للمنظمات الصهيونية وقيام البنية الاستيطانية الاولية التي تأسست عليها دولة اسرائيل في ما بعد. ومناط هذه المسؤولية هو سياسته البراغماتية والمترددة التي تضمنت التساهل تجاه ازدياد الوجود اليهودي في فلسطين, على أمل الاستفادة من نفوذ الحركة الصهيونية في اوروبا وامريكا والمساعدة في التخلص من عبء الديون الذي كان يرهق كاهل الدولة العثمانية. فسياسته على الارض لم تُترجم موقفه المعلن, بل كانت متراخية ومترددة وفي احيان كثيرة خاضعة لإملاءات القناصل الاجانب والدول الغربية, بحيث كان يسارع في إبطال كثير من الفرمانات التي كان يصدرها والتي كان تفرض قيودا على انتقال اليهود الى فلسطين. ولأنه كان ذكيا ومحنكا في السياسة وعلى قدر واسع من المتابعة والاطلاع الدائم لما يحدث في الغرب وفي الاعلام فقد كان على يقين تام من طموحات واطماع المنظمات اليهودية في فلسطين, كما هو مثبت في الادبيات, وكما يروي هو نفسه في مذكراته في وقت لاحق. وهذا يضاعف من قدر المسؤولية عليه, إذ لم يكن ساذجا او مُنخدعا بالدعاوى اليهودية او مجاملاتهم له.

إن موقف السلطان عبد الحميد الثاني من النشاط الصهيوني على أرض فلسطين ما زال بحاجة إلى مزيد من البحث والتنقيب، فضلاً عن حاجتنا للتفسير الموضوعي، والمتزن لهذا الموقف، وكل ما أرجوه أن يشكل هذا البحث منطلقاً جديداً للمؤرخين للتحرر من سطوة الوثيقة في تفسير الحدث وترك المجال للتفسير المنطقي والعقلاني أن يأخذ مجراه، بحيث نخلص إلى نتيجة يمكن من خلالها أن نفسر التناقض بين ما تم تدوينه في المراجع والمصادر وما حدث على أرض الواقع، وبحيث نتوصل إلى تقديم صورة حقيقية لنشاط الحكام على أرضنا آخذين بعين الاعتبار الظروف التي دفعت بهم لتبني هذا الموقف والابتعاد عن أسلوب التمجيد والتهليل الذي طالما اتبعناه والذي بسببه لم نتمكن من تجاوز كثير من أخطاء الماضي التي ما زالت تلقي بظلالها على حاضرنا ومستقبلنا .