لا للتطبيع الزراعي ولا لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني
استمراراً لنهج وادي عربة، يعاني المزارع والمواطن الأردني الأمرين بسبب السياسة الرسمية المتساهلة مع التعامل التجاري الزراعي مع الكيان الصهيوني. فمن جهة، تستهدف دولة العدو القطاع الزراعي الأردني بشكل منهجي، كما حدث في نهاية عام 2011 مثلاً عندما تم إغراق الأسواق الأردنية بالبطاطا “الإسرائيلية” في أوان نضوج المحصول الأردني، وكذلك بالنسبة لإغراق الأسواق الأردنية بمحصول جزر “شاليط”، ناهيك عن إغراق الأسواق الأردنية بالكاكا والمانجا وغيرها.
ولا تقتصر الأضرار على الإغراق، الذي يتم عبر شركات تجارة زراعية أردنية كبرى ومعروفة، بل تتعدى ذلك إلى المستهلك الأردني. فقد اتهم تقرير صحفي “إسرائيلي” المزارعين الصهاينة باستخدام المبيد الحشري “ميثيل بروميدي” المحظور والذي يؤدي إلى وجود نسب عالية من السموم في المحاصيل، وهو ما يشكل خطراً على صحة المستهلك الأردني والعربي.
ولا تقتصر الأضرار على الصحة، بل تتعداها للبيئة. فقد غزت آلاف الكيلوغرامات من بذور البصل “الإسرائيلي” الأسواق الأردنية، وتم زرع نسبة لا بأس بها من أراضي الأغوار بتلك البذور مما أدى لاحتراق نصف تلك الأرض، وظهور أمراض زراعية جديدة. ولا تقتصر قصة البذور على البصل. فثمة وكالات محلية تجلب الأدوية الزراعي وأنواعاً من الاسمدة من الكيان الصهيوني.
ونضيف أن الكيان الصهيوني يفرض علاقة تبعية وإلحاق على الأردن في مجال الزراعة. ويتجلى ذلك مثلاً بالاستحواذ على محصول الأردن من الزيتون وإعادة تصديره إلى أوروبا بأسعار فلكية، بعد تخفيف نسب الحموضة فيه، باعتباره منتجاً “إسرائيلياً”. وفي موسم الزيتون في العام ما قبل الماضي مثلاً ذهبت 98% من صادرات الزيتون الأردني لدولة الاحتلال. ويقوم سماسرة وتجار أردنيون ببيع ثمرات الزيتون المعلق على اشجار الزيتون في الاردن للكيان الصهيوني قبل قطافه، وتشير إحدى الإحصائيات أن ثلث الزيتون الأردني رُهِن للكيان الصهيوني بهذه الطريقة وهو ما يحرم الأردن من القيمة المضافة للزيتون المصدر لأوروبا، كما يؤدي لارتفاع سعر الزيت بالضرورة على المستهلك الأردني. وليس الزيتون الأردني وحده ما يتعرض لعملية المصادرة والإلحاق بهذه الطريقة، بل كثيراً تجد في الأغوار، في الشتاء بخاصة، سماسرة يراودون المزارعين عن محصولهم لبيعه للكيان الصهيوني، ناهيك عما يجري مع البندورة والخيار والفلفل الحلو.
وننوه هنا أن العراق احتج مؤخراً على تمرير المانجا عبر الأردن إلى أراضيه، مع العلم أن نسبة كبيرة منها تأتي من مزرعة “يوناتان مانجو” في الجولان العربي المحتل. كما يتم استيراد شتلات نبات الزينة من المستعمرات الصهيونية، كما صرح مؤخراً الاستاذ محمود العوران، مدير عام اتحاد المزارعين الأردنيين، وهو ما يناقض زعم وزارة الزراعة أنها تتبع سياسة حظر استيراد المنتجات الزراعية من المستعمرات.
والحقيقة أن الحديث عن حظر الاستيراد الزراعي من المستعمرات الصهيونية حديث مضلل. ففي العامين الماضيين قررت دائرة الاستيطان الصهيونية مضاعفة مساحة الأراضي التي يزرعها المستعمرون اليهود في غور الأردن، أي أنها قامت بالاستحواذ على المزيد من أراضي الغور، وهو ما يذكرنا أن لا فرق فعلياً بين منتجات المستعمرات في الضفة الغربية، والغور الذي تزيد مساحته عن ربع الضفة، وبين المنتجات الصهيونية من أي مكان أخر، لأن فلسطين كلها محتلة.
أما على الجهة الشرقية من النهر، فيعاني المزارع الأردني من الحرائق الكبيرة التي يشعلها الكيان الصهيوني بذرائع أمنية، وهي الحرائق التي كثيراً ما تمتد لأراضي ومحاصيل المزارعين الأردنيين دون أن تقوم الدولة بأي إجراء فعلي لمواجهة سياسات الحرق الصهيوني المنهجية، بذريعة معاهدة السلام…
وفي الوقت الذي انخفضت فيه الصادرات الصهيونية إلى أوروبا في العام 2012، نجدها ازدادت للأردن ومصر والمغرب بنسبة 12 بالمئة، وبعد انخفاض صادرات الكيان الصهيوني من الخضار والفواكه للأردن في العام 2011، عادت للارتفاع بشكل كبير في العام 2012 لتصل إلى 5،16 الف طن من الخضار والفواكه، كما قفزت صادرات الأردن من الخضار والفواكه إلى الكيان الصهيوني، والوسيط في الحالتين هو خمس شركات تجارة زراعية أردنية معروفة، بتسهيلات من الدولة، وهي بعض نفس الشركات التي تقوم بتصدير الخضار والفواكه الأردنية إلى تركيا وأوروبا عبر ميناء حيفا العربية المحتلة بدلاً من ميناء العقبة.
وإذا كانت الدولة تتذرع بمعاهدة وادي عربة، واتفاقية التعاون الزراعي مع الكيان الصهيوني، وبشروط الانضمام لمنظمة التجارة العالمية WTO، لتسهيل التعامل الزراعي مع الكيان الصهيوني، بالرغم مما يصيب الأردن من جرائه من أضرار، فإننا نعيد تأكيد موقفنا الثابت الداعي لإعلان بطلان معاهدة وادي عربة، وإغلاق سفارة العدو الصهيوني في عمان، وإيقاف التطبيع مع العدو الصهيوني تماماً. ونؤكد هنا أن موقفنا هذا ينبع من المصلحة الوطنية الأردنية، ومصلحة القضية الفلسطينية، ومصلحة الأمة برمتها، خاصة في ضوء تصاعد التهديدات الصهيونية للأرض والمقدسات، وهو ما يشكل خطراً مباشراً على الأردن، لا على فلسطين وحدها.
لكن التذرع بالمعاهدات الدولية لا يمثل إلا نصف الحقيقة التي تخفي تقصير الدولة مع المزارع والمواطن الأردني لمصلحة جهات وأطراف معنية بتدمير القطاع الزراعي بالأردن وإلحاقه بالكيان الصهيوني. فلو افترضنا جدلاً أن قصة المعاهدات تتجاوز صلاحيات وزارة الزراعة، لماذا لا تقوم الدولة بتفعيل قانون “تطبيق المواصفات الفنية” الذي يحمي المزارع والمواطن من الأضرار الصحية والبيئية للمنتجات الزراعية الصهيونية؟ ولماذا لا تقوم الدولة بحماية المزارع الأردني من إغراق السوق الأردنية بالمنتجات الزراعية الصهيونية؟ ولماذا لا تقوم الدولة بوضع آلية لشراء الزيتون الأردني ومعالجته وتصديره إلى أوروبا؟ ولماذا لا تقوم الدولة بإيجاد تسهيلات لتصدير المنتجات الزراعية عبر ميناء العقبة بدلاً من ميناء حيفا؟ ولماذا لا تقوم الدولة باتخاذ إجراءات فعلية ملموسة لمنع انتشار الحرائق الصهيونية في الغور لأراضي ومحاصيل المزارعين الأردنيين؟ ولماذا… ولماذا؟!!!!
وفي النهاية، فإننا نحيي قرار نقابة تجار ومصدري الخضار والفواكه الأردنيين بحظر التعامل بالمنتجات الصهيونية الزراعية، ونحيي كل تاجر ومواطن وموظف يرفض التعامل بالمنتجات الصهيونية الزراعية وغير الزراعية، ونذكر بأن مناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني هي مصلحة للاقتصاد الوطني الأردني كما هي مصلحة للبلد، ناهيك عن كونها واجباً قومياً وشرعياً يتبناه العديد من الأجانب غير العرب وغير المسلمين. ولكن التجربة أكبر برهان، وبعد التجربة الزراعية المصرية المدمرة في التعامل مع العدو الصهيوني، تأتي التجربة الزراعية الأردنية في التعامل مع العدو الصهيوني لتثبت أن التطبيع لا يخدم إلا حفنة من السماسرة على حساب الوطن والأرض والمواطن.
نعم لأردن خالٍ من الصهيونية
– حزب الشعب الديمقراطي الأردني .
_جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية .
_تجمع القوى الشبابية والطلابية لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع (اتحرك )