هم فتيةٌ ليسوا كغيرهم.  لم يتمكن الإعلام الأصفر والبترودولاري من النفاذ إلى قلوبهم أو الذهاب بعقولهم، ولم تنطلِ عليهم منظمات “التمويل الأجنبي”… فظلوا يقولون أن كل بوصلة لا تتجه للقدس مشبوهة، عندما انشغل غيرهم بمشاريع “الإصلاح الأمريكي” بأشكاله المختلفة “الديموقراطية” و”الدستورية”.

وهم فتية لم يقبلوا الاكتفاء بالمراقبة والإدانة من بعيد، فقرروا أن الوعي لا قيمة له إن لم يتحول إلى ممارسة نضالية تغنيه ويغنيها، ومن هنا مشاركتهم الدائبة بالاعتصام الأسبوعي لجماعة الكالوتي (جك) منذ ما يقارب ثلاثة أعوام.

واليوم تطلق حملة “استحِ” لمقاطعة المنتجات الصهيونية في الأردن فعاليتها الميدانية الثانية يوم السبت الموافق 26/1/2013 بزيارة الساعة الثالثة بعد الظهر لمحلات الألبسة المنتشرة على طول شارع سوق السلطان في تلاع العلي حيث لاحظت جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية عشرات محلات الألبسة التي تتداول بالمنتجات “الإسرائيلية” هناك…

وكانت “استحِ”، المنبثقة عن اللجنة الإعلامية لجمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية، قد اطلقت فعاليتها الميدانية الأولى في مستهل هذا الشهر بزيارة لسوق السكر وسط البلد في عمان بزيارة لمحلات الخضروات والفواكه التي تتعاطى المنتجات الزراعية الصهيونية.

ومن المهم هنا أن نشير إلى أمرين فيما يتعلق بحملة “استحِ”، التي تمثل موقفاً مبدئياً من الاختراق الصهيوني للاقتصاد الأردني، وعبره للاقتصاد العربي:

الأول، أن مقاومة التطبيع والصهينة بالأردن لا تتعلق بالفلسطينيين وحدهم، أو بالقضية الفلسطينية فحسب، بل تنطلق من وعي عميق بأن الصهيونية تمثل خطراً وجودياً على الأردن، وعلى كل الأمة العربية، وتنظلق من التزام قومي يعتبر فلسطين ساحة للصراع بين الأمة العربية من جهة، والحركة الصهيونية ومن يقف خلفها من جهة أخرى، أي تنطلق من موقف قومي عروبي صريح,

الثاني، أن “استحِ”، و”جك” من قبلها، تنطلق من التعامل مع مقاومة التطبيع باعتبارها إستراتيجية لا تكتيكاً.  ونلفت النظر هنا إلى كثير من الحركات التي تتبنى “مقاطعة الكيان”، أو “مقاومة التطبيع”، وهي تدق “باب التعايش” أو “باب الذل” مع العدو الصهيوني متضرعةً بكلتا يديها، من خلال جعل هدف “المقاطعة”، أو “مقاومة التطبيع”، التعايش مع المحتل الغاصب، بالتعاون مع محتلين غاصبين “جيدين”، كبديل سلمي للعمل المقاوم!!

نحن بالمقابل نرى أن مقاومة التطبيع، والمقاطعة الاقتصادية، هي تتمة للعمل الأساس، وهو العمل المقاوم المسلح ضد العدو الصهيوني، وأن مقاومة التطبيع والمقاطعة تنبثق من رفض مبدئي للتعايش مع أي شكل من أشكال المشروع الصهيوني في فلسطين، وما المشروع الصهيوني إلا مشروع الإتيان باليهود إلى فلسطين…

أخيراً، ولكن قبل كل شيء، تنطلق حركة المقاطعة ومقاومة التطبيع من اعتبار فلسطين عربية من البحر إلى النهر، وهي الهوية الحضارية التي يسعى لتهميشها دعاة “مقاومة التطبيع”… إلى أن يقبل العدو بالتعايش معنا!!!

باختصار، تنطلق “استحِ” من أن الأرض “بتتكلم عربي”.

إبراهيم علوش

للمشاركة على الفيسبوك:

http://www.facebook.com/photo.php?fbid=594021900615049&set=a.306925965991312.96654.100000217333066&type=1