ماذا عن الهدهد؟!
“وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ”
نشر الإعلام الحربي في حزب الله الغالب، مقطعا مصوّرا، طويل نسبيا (تسع دقائق)، يظهر صورا حيّة لمواقع وأهداف في العمق الصهيونيّ، سبقه إعلان قصير عنوانه” ترقّبوا ما جاء به الهدهد”.
محصّلة الأمر واضحة، لكن تفصيلها يحتاج بعض الشّرح:
1. طبيعة الأماكن الحيوية التي جاءت بها مسيّرات الهدهد، رسالة على بنك الأهداف الأوّلي الذي تستطيع المقاومة ضربه، وبدقّة. الميناء، مصانع عسكرية، مخازن، مراكز قيادة، منظومات مقلاع داوود والقبّة الحديديّة.. إلخ.
2. أربط المقطع بكلام نائب الأمين، الشيخ نعيم قاسم قبل بضعة أيام، عندما قال صراحة أن وقف إطلاق النّار مرتبط بغزّة، لكن المسار السياسي لما بعد وقف إطلاق النار منفصل في جنوب لبنان. المعنى هنا، أنه بافتراض توقّف الحرب، وتعنت الصهاينة فيما يخص الجبهة الشمالية، فإن الحزب له مساره الذي لن يفقد فيه المكتسبات التي حازها من بركات الطوفان؛ أي أن ما في المقطع يحمل رسالة تهديد تمتد إلى ما بعد وقف إطلاق النار في غزّة.
3. فشل منظومات الرصد والدفاع الصهيونيّة في اكتشاف الهدهد التي صوّرت مقاطع طويلة واضحة، بجودة عالية.
4. التوقيت، وهو الأهم، وفيه ثلاث رسائل:
الأولى… يتزامن طرح المقطع مع زيارة المبعوث الأمريكي هوكستاين لتهدئة الجبهة شمال الأرض المحتلّة.
المقاومة منذ اليوم الأول شرحت أن وقف إطلاق النار جنوب لبنان، مرتبط تماما بوقف إطلاق النار في غزّة؛ بالتالي لا معنى لزيارة هوكستاين أصلا. وإذا كان الصهاينة يمارسون العنجهة والكلام والتهديد منذ وقت، فالمقاومة حاضرة مستعدّة، تعلن عن بنك أهدافها الأول، في حال ذهبت الأمور للحرب.
ثانيا… المقطع يأتي قبل يوم من خطاب القائد المحرِّر، الأمين على الأرض والأرواح والدماء، في تأبين القائد الشّهيد الحاج أبو طالب؛ ولعل ما جاءت به الهدهد فيه لمحة أوليّة عن فحوى الخطاب.
ثالثا… توقيت المقطع يمارس حربا نفسيّة عنيفة على مجاميع الصهاينة في كل المستويات، ويوصل رسالة مفادها، أن الجبهة الهادئة منذ يومين، بعد أيام مشتعلة، تتحكم فيها المقاومة؛ ولا أظن أنها اختارت تهدئتها لفترة قصيرة، إلا لذهاب العديد من أهل الجنوب الشرفاء نحو قراهم وضِيعهم خلال يومي العيد الفائتين.
جاء الهدهد بسلطان مبين، ونبأٍ بيّن، ولعلّ في جعبة المقاومة صقورا ونسورا لا تكتفي بالتصوير فقط!
عن صفحة م. العملة