تستخدم الويلات المتحدّة تعبيرات حذرة فيما يتعلّق بعدوانها في سوريا والعراق واليمن، وتسرف في الحديث عن ضربات مركّزة وتدخلّ محدود ضد هذه الجماعة أو تلك، بل يغلب على حديثها طابع النّسب المئوية السخيف بعد كل غارة تنّفذها، كأن تقول: دمرنا ما نسبته كذا من قدرات الجماعة الفلانية؛ أو استهدفنا نقطة لإطلاق صواريخ باليستية نحو كذا وكذا ودمرناها بنسبة كذا.
ليس هذا تغيّرا في سياسة الدولة التي تعتاش من العدوان المستمر في كل بقاع الأرض، إنما حذرها من الدخول في مواجهة ليست مستعدة لها، في وقت حرج، وفي ظل ظروف غير مواتية لممارسة هوايتها المفضّلة في اختراع المشاكل وشن الحروب، خصوصا وأنها خسرت تقريبا في أوكرانيا، ولا تريد حصول الشيء نفسه في ساحة تايوان أمام الصّين، ونلحظ ذلك أيضا في رغبتها الجامحة لاستمرار العدوان على غزّة دون أن توسّع إطار الحرب في المنطقة، وهو ما يعيدنا للمربع الأول في استخدامها تعبيرات حذرة، وفي اقتراح أطر سياسية مثيرة للضحك، مثل: هدنة لمدة شهرين لكن دون وقف شامل للعدوان، أو مقترحات حول ما يسمونه “اليوم التالي” للعدوان على غزّة، بقولهم أن “حل الدولتين” ليس مستحيلا بوجود نتنياهو، ليخرج المأفون بعدها نافيا مثل هذه الأطروحة، فيخرج الأميركيون بالأمس للحديث عن استحالة تخيّل حماس في إدارة قطاع غزّة بعد الحرب… إلخ.
ما يحصل في الواقع تمهيد لإعلان الهزيمة، ثم محاولة التقليل من آثار الخوازيق التي تسببت بها حركات المقا.و.مة في المنطقة، نتيجة استمرار الحرب حتى الساعة.