قال ثيودور هيرتزل الصهيوني: “إذا حصلنا يوماً على القدس، وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء، فسوف أزيل كل ما هو ليس مقدساً لدى اليهود، وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها عبر القرون”.
بتلك العبارة الباردة لخص ذاك الصهيوني المأفون حقيقة الصراع على أرض فلسطين، فالصراع يبدأ وينتهي عند هوية الأرض، وهل الأرض عربية أم يهودية؟ وفي فلسطين تختزل هذه القضية بالبعد الرمزي للقدس، وفي القدس يختزل ذاك البعد الرمزي تحديداً بالمسجد الأقصى وقبة الصخرة، وفي الأقصى يتلخص البعد الرمزي للصراع العربي-الصهيوني حول هوية الأرض بهوية الحائط الجنوبي الغربي من المسجد الأقصى، وهل هو حائط البراق، الحائط الذي ربطت إليه “البراق”، مطية الرسول -عليه الصلاة والسلام- في رحلة الإسراء والمعراج، أم هو “حائط المبكى”؟ ويزعم اليهود أن “المبكى” يشكل جزءاً من “هيكل سليمان” وأن المسجد الأقصى بني على أنقاضه، وتفيد روايتنا العربية في أن المسجد الأقصى هو ملكية عربية ووقف إسلامي. فالقصة ليست قصة مقدسات دينية فحسب، بل قصة هوية الأرض، وهي لا تقتصر على الأقصى وحده، بل تمتد لكل ذرة رمل وشجرة زيتون في فلسطين، وللمقدسات المسيحية والإسلامية الأخرى، لكنيسة القيامة كما الأقصى، إنما الأقصى عنوانٌ وطني وقومي للصراع في بعده المقدَّس.
وما الحفريات تحت الأقصى وفي جواره -والتي لم تؤدِ لإيجاد أي أثر لأي هيكل- والتي باتت تعرض الأقصى للسقوط، بعد تقويض أساساته، بالإضافة للفعل الصهيوني الحقير، بالإقدام على حرق المسجد الأقصى عام 1969، إلا إثباتاً على محاولة الصهاينة الدائبة لطمس كل ما هو عربي بالقدس. وما العدوان المستمر على المقدسات إلا تعبيرٌ رمزي لاحتلال كل الأرض والسعي لتهويدها، مع التأكيد أن الأقصى ليس بديلاً للقدس، والقدس ليست بديلاً لفلسطين أبداً، ولكن في الأقصى والقدس تختزل الحكاية كلها، فليس هناك منطق في الاعتراف بالكيان على 78% من فلسطين مع زعم الدفاع عن القدس أو الأقصى، كما أن التمسك بكل الأرض لا يجوز أن يدفعنا لإهمال البعد الرمزي للصراع.
اليوم يتم تقسيم الأقصى مكانياً وزمانياً، لتأسيس “حق” يهودي ما فيه، وتجري محاولة تهويد كل ما حوله، في القدس وفي جوارها، كجزء من المشروع الصهيوني لتهويد فلسطين التاريخية، وللسيطرة على الرواية التاريخية، وهو الفحوى الحقيقي لإعطاء ذلك المشروع عنواناً تلمودياً “مقدساً”، أما الغطاء السياسي لهذا العدوان الصهيوني على مقدساتنا وأرضنا فهو ما أفرزته معاهدات الذل والهوان من أوسلو ووادي عربة، وما أتبعته من تطبيع وتنسيق أمني بين السلطتين الفلسطينية والأردنية من جهة والعدو الصهيوني من جهة أخرى، فما العلاقات الطبيعية مع الصهاينة إلا موافقة ضمنية على ممارسات المحتل وعدوانه الدائم على الأرض والبشر والحجر، فمقابلة العدوان من تلك السلطتين تتم دائماً بالمهادنة وضبط النفس والقبول بشروط اللعبة كما تقتضيها (الشرعية الدولية).
فلتذهب (الشرعية الدولية) للجحيم، ولتذهب معها دعوات شيوخ (الكبة) والسلطان بضرورة الإكتفاء بالدعاء لأهلنا بفلسطين من أجل تدجين الجماهير العربية -بحسب أصول اللعبة الإمبريالية- أدراج الرياح، أين هم من الجهاد في الأقصى وفلسطين؟ فلسطين هي البوصلة الحقيقية لأقصى مراتب الجهاد، ففيها اليهود المحتلين لأرضنا المقدسة، والجهاد بفلسطين يكون لمرضاة الله وحده، أما (الجهاد) في سورية وليبيا وضد الجيوش العربية، فهو مرضاةٌ لأعداء الله وأولياء أعدائنا، وما الدعوات التي تؤجج الصراعات داخل أوطاننا على أساس طائفي ومذهبي، إلا وصفات جاهزة لتدمير وتفكيك الأقطار العربية.
حماك الله يا وطننا العربي الواحد الكبير. حماك الله يا أقصانا بزنود رجالك من المحيط إلى الخليج.
شارك بأطول اعتصام في تاريخ الأردن..
شاركنا في اعتصامنا الأسبوعي رقم 287، يوم الخميس 17 أيلول 2015، من الخامسة والنصف حتى السادسة والنصف مساءً، رفضنا لوجود السفارة الصهيونية في عمان، ومطالبتنا بإعلان بطلان معاهدة وادي عربة.
من أجل أردن خالِ من الصهيونية، شارك بالاعتصام الأسبوعي كل خميس على رصيف جامع الكالوتي في الرابية احتجاجاً على وجود السفارة الصهيونية في الرابية.
احتجاجنا ضد وجود سفارة العدو الصهيوني في عمان ليس موسمياً ولا عارضاً، وليس ردة فعل ضد المجازر الصهيونية فحسب.
“جك”
للمشاركة على فيسبوك:
https://www.facebook.com/nozion
.