(بقلم رفيق جكي)
لليل رهبتهُ
وبي شوقٌ إلى سفرٍ طويل
امتد فيه حيث لا تصل
العيون الزئبقية
لأحط في حدق الرفاق المولعين
بطلعة النجم البهية
والساهرين على السبيل
من قلب فلسطين، وفي قرية بئرزيت بالذات، ولد رفيقنا المرحوم ناجي إبراهيم سالم علوش، ليبدأ رحلة البحث عن ذاته، وعن مصير شعبه في خضم أمواج الاستعمار والحروب على أمته العربية في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، ولينجح في بلورة توليفة قومية يسارية متماسكة، بعد أن أفنى سنواتٍ طوال في دراسته للقوانين التي تحكم حركة التاريخ والسياسة والمجتمع، والنظريات الاشتراكية والماركسية.
انتقل مناضلنا بين أقطار الوطن العربي الواحد، الذي ما شعر يوماً بغربةٍ في أحد مدنه، ليعمل بالكويت، وليصبح الأمين القطري لحزب البعث في الكويت حثى عام 1959 حين ترك الحزب، وليعمل في بداية الستينيات مع خالد أبوخالد وحنا مقبل وآخرين على تأسيس “طلائع الثورة العربية” ذات التوجهات القومية واليسارية، ومن ثم تجتذبه حركة فتح إبان هزيمة حرب عام 1967، ليشارك مع رفاقه في معارك الثورة الفلسطينية، وليسطر لنا مناضلنا خلال تجاربه تلك نتيجة اقترانها مع ممارسة العمل المسلح، دراسات وكتب مهمة نظّرت لتجربة الثورة الفلسطينية ونقدتها، وشكلت لفترة من الزمان حصناً فكرياً منيعاً في مواجهة التيار التسووي في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، والتي أصبحت ممارسات وتجاوزات ظاهرة للعيان، وتجاوزاً على الميثاق الفلسطيني غير المعدل، حتى حلّ الفراق التام بين ناجي علوش، وحركة فتح نهاية السبعينات لرفضه المهادنة على أبجديات الثورة الفلسطينية.
حين نتناول حياة المناضل ناجي علوش، لابد أن نعرج على تجربته الأدبية التي توّجها في العمل في دار الطليعة ببيروت عام 1965، والتي أصبحت تحت إدارته رائدة للثقافة العربية التقدمية، فقد نشرت الدار كتب لمفكرين كبار كياسين الحافظ والياس مرقص وغيرهم. وليؤسس في عام 1972 مع رفاقه إتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين الذي انتخب رئيساً له، وهنا لابد من تسجيل تلك الثنائية الفريدة التي تميز بها ناجي علوش فقد كان في تلك الفترة ذاك الرجل الذي يعود من خطوط القتال ببدلته العسكرية ليضع بندقيته ومسدسه جانباً، ليعود بعدها إلى قراءة الشعر- خاصةً شعر المتنبي الذي عشق أشعاره- ليرتاح قليلاً قبل أن يعود لمواقع القتال. وبذلك كان من القلة التي استطاعت مزاوجة رهافة الشاعر وصرامة المقاتل الأمامي.
بعد أن أقعده المرض سنين طوال، وفي فجر التاسع والعشرين من تموز 2012 صعدت الروح إلى بارئها، بعيداً عن ذلك الجسد المنهك. ليمر بين أجساد الرفاق والصحبة، وليبتسم للإصرار في عين آخرين على إكمال الطريق، فإرثه الثوري قد سطره بكتبٍ بين أيدينا. وهنا أقتبس مما كتبته د. حياة الحويك عطية في رثاء ناجي علوش: ” غير أن روح الأمة لا تدمر الاّ لوقت، حظنا السيئ أننا نعيشه. ويبقى ذخر المناضلين الكبار الثابتين، كناجي علّوش، الذي نقل إباء روحه إلى ابنه صديقنا الدكتور ابراهيم، والى مئات ممن تأثروا به، شعلة أمل لا تنطفىء لأجيال قادمة”.
لقد ترك أبا إبراهيم في ذاكرة الكثيرين صوراً متعددة ومختلفة، لإنسان أمضى عمره في سبيل قضايا أمته، فمنهم من يتذكره كإنسان دمثٍ يتأدب عن المذمة الشخصية رغم صداميته في القضايا الكبرى، أو كرقيق متواضع، أو كمناضلٍ شرس، أو كقائدٍ و مقاتلٍ مقدام، أو كرمز ثقافي أو كمجدد شعري، ومنهم من عرف حرصه الشديد على كرامة الإنسان، أو شاهد فصولاً من نزعته الثورية الرافضة أبداً للمهادنة مع أعداء الأمة، ومنهم من اعتبره رمزاً قومياً جذريأ. لكن الأكيد أنه حافظ على منذ البداية حتى النهاية على نهج مناهضة الصهيونية بلا هوادة.
شارك بأطول اعتصام في تاريخ الأردن..
شاركنا في اعتصامنا الأسبوعي رقم 280، يوم الخميس الثلاثين من تموز 2015، من الخامسة والنصف حتى السادسة والنصف مساءً، رفضنا لوجود السفارة الصهيونية في عمان، ومطالبتنا بإعلان بطلان معاهدة وادي عربة.
من أجل أردن خالِ من الصهيونية، شارك بالاعتصام الأسبوعي كل خميس على رصيف جامع الكالوتي في الرابية احتجاجاً على وجود السفارة الصهيونية في الرابية.
احتجاجنا ضد وجود سفارة العدو الصهيوني في عمان ليس موسمياً ولا عارضاً، وليس ردة فعل ضد المجازر الصهيونية فحسب.
“جك”
للمشاركة على فيسبوك:
https://www.facebook.com/nozion