بذكرى استقلال الأردن، نؤكد أن للاستقلال معنىً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً يتجاوز المفهوم التقليدي بخروج قوات المستعمر من ارض أي وطن، فالقرار الوطني المستقل النابع من المصلحة الوطنية والقومية لأي بلد هو المؤشر الحقيقي على الاستقلال من عدمه.
الخامس والعشرون من أيار في الأردن هو المناسبة التي يصطلح عليها الخطاب الرسمي الأردني بالاستقلال والتي تصادف ذكرى القرار البريطاني بالانسحاب من الأردن كما غيرها من المناطق التي كانت تسيطر عليها بعد الحرب العالمية الثانية بسبب افلاسها، فخروج المظاهر العسكرية البريطانية من الأردن سمي استقلالا، في الوقت الذي بقي فيه النفوذ البريطاني مستمرا الى ان ملأت الولايات المتحدة الفراغ.
في بلد تشكل المساعدات والمنح جانبا مهما من موازنته السنوية – مقدمة من الولايات المتحدة وغيرها ومن ذيولها الرجعية العربية – كان القرار الأردني ولا يزال مستلبا لرغبات الممولين على حساب المصلحة الوطنية والقومية وهذا واضح للعيان من خلال ارتهان القرار الأردني للأجندة الخارجية تاريخيا منذ تأسيس الدولة في عشرينيات القرن الماضي مرورا بمرحلة ما بعد الاستقلال الى اليوم والدولة تقترب من مئويتها والحال هو الحال.
خرج الأردن من الوصاية البريطانية بعد اسقاط المعاهدة البريطانية التي كبلت الأردن حينها وظن الأردنيون انهم أسقطوا التبعية بإلغاء المعاهدة وطرد القائد البريطاني للجيش، لتدخل البلد في بيت الطاعة الأمريكي جريا وراء المساعدات وليذهب الاستقلال معها في ادراج المساعدات والمنح والقروض السهلة.
الأخطر في المسار السياسي للدولة الأردنية انحدارها نحو الهاوية الصهيونية عندما تم ربط البلد بأكمله بمعاهدة وادي عربة، والتي تلاها إقامة علاقات ديبلوماسية كاملة مع العدو والاعتراف به على حساب الضمير الشعبي الرافض لكل اشكال العلاقة مع العدو الصهيوني، وعلى حساب الثوابت الوطنية والقومية.
بعد توقيع المعاهدة سقطت كل اكذوبة الاستقلال مدوية وانكشفت الممارسات الحكومية المحمومة لتغيير التشريعات النافذة لصالح العلاقة مع العدو وإعادة انتاج البنية الاجتماعية من خلال تشريعات شقت الصف الوطني وتراجعت بالوعي من مرحلة الدولة المدنية الى حالة متشرذمة مناطقية بحيث يخدم استمرار العلاقة مع العدو ويمنع تنامي الحالة الشعبية كالتي اسقطت المعاهدة البريطانية وحلف بغداد.
معاهدة وادي عربة أصبحت البقرة المقدسة لدى العقل الرسمي، وأصبحت العربدة الصهيونية على حساب الأردن بمنجى من اتخاذ أي فعل او حتى نقد، بل تم ترويج الأكاذيب بمحاسن وادي عربة وما تقدمه من خدمات ومنافع لفلسطين والشعب الصامد في وجه الاحتلال متناسية ان هذه المعاهدة وشقيقاتها اسقطت حالة العداء وسهلت مهمة العدو في التمدد الاستيطاني وطرد السكان وحتى استسهال قتلهم بشكل جماعي او بشكل فردي وآخرها واستباحة الحرم القدسي من قطعان المستوطنين ضاربة بالمعاهدة وأصحابها عرض الحائط ولا نسمع إلا تمسك الحكومة الأردنية بالمعاهدة ومسيرة (السلام).
ذكرى “الاستقلال” هذا العام تتواكب مع زج الجيش الاردني في حروب ضد اشقائنا العرب في سورية واليمن والعراق لصالح البترودولار وبما لا ينسجم مع معنى القرار الوطني المستقل، وللأسف اصبح الاردن بندقية للإيجار -بيد كل مغامر ومتآمر- توجه سهامها على الامة ولا يدرك صاحب القرار خطورتها على الاردنولا يدرك ان لها ارتدادا سيلحق بالأردن قد لا يقوى على مجابهته مستقبلا.
ذكرى “الاستقلال” هذا العام تتواكب أيضاً مع ربط البنية التحتية الأساسية للأردن بالكيان الصهيوني بعد مشروع ناقل البحرين، واتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني… فكيف “يحتفلون بالاستقلال” وشرايينهم يستطيع أن يقطعها الكيان الصهيوني في أية لحظة؟!
العجز والهرولة هما السمة الظاهرة للسياسة الرسمية الأردنية، وخطاب الاستقلال هو خطاب ممجوج موجه للداخل لستر العورة، وعند اللحظات الفارقة والحاسمة يظهر كم التبعية وخصوصا عند أي عدوان صهيوني.
“فبوصلة لا تشير إلى القدس مشبوهة” إذ هي إما بوصلة مضلّلة أو مخترقة.
شارك بأطول اعتصام في تاريخ الأردن..
شاركنا في اعتصامنا الأسبوعي رقم 270، يوم الخميس 21/5/2015، من الخامسة والنصف حتى السادسة والنصف مساءً، رفضا لوجود السفارة الصهيونية في عمان، ومطالبتنا بإعلان بطلان معاهدة وادي عربة.
من أجل أردن خالِ من الصهيونية، شارك بالاعتصام الأسبوعي كل خميس على رصيف جامع الكالوتي في الرابية احتجاجاً على وجود السفارة الصهيونية في الرابية.
احتجاجنا ضد وجود سفارة العدو الصهيوني في عمان ليس موسمياً ولا عارضاً، وليس ردة فعل ضد المجازر الصهيونية فحسب.
“جك”
للمشاركة على فيسبوك:
https://www.facebook.com/nozion