تحيّي جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية شعبنا وأهلنا في فلسطين المحتلة الذين هبوا في كل أرجائها، من الضفة الغربية للقدس لغزة لمدن وبلدات الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة عام 48، لمناهضة الصهيونية وإرهابها بمناسبة استشهاد الفتى محمد أبو خضير.
بعد أن تبين أن محمد أبو خضير حُرق حياً، وهو الفتى ذو الستة عشر ربيعاً، لا يفوتنا التذكيرَ أن الكيان الصهيوني قام على ممارسة الإرهاب والإجرام، وأدمن عليهما منذ نشأته، فما جرى مع الشهيد أبو خضير ليس حادثة منعزلة، ولا رد فعلٍ على قتل المستعمرين الصهاينة الثلاثة الذين أسروا في الخليل الشهر الفائت، إنما تعبيرٌ عن حقيقة الصهيونية وإرهابها منذ نشأت الذي تتممه اليوم بالقمع الشديد للمتظاهرين، وسياسة اعتقال الشباب الفلسطينيين بالجملة، وقصف غزة، وتبني توجهٍ لتدمير المنازل بالجملة لو لم يكن أصحابها استشهاديين.
إن ما يجري في فلسطين اليوم هو ثمرة نضالات الأسرى التي انتقلت من حيز الإضراب الأسطوري عن الطعام إلى تحول قضيتهم بفضل تلك النضالات إلى قضية حية تتطلب حلاً عاجلاً لا تستطيع سلطة مرتهنة لاتفاقية أوسلو الخيانية أن توفره، لا بل تقف عائقاً في وجهه، بفعل ارتهانها للمانحين الدوليين وللتنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، حتى أنها راحت تعتقل المقاومين وتفتش عن الأسرى الصهاينة الثلاثة كامتداد لأجهزة العدو الصهيوني، مع العلم أن طريق تحرير الأسرى الفلسطينيين واضحٌ منذ عقود: أسر الصهاينة ومبادلتهم. وربما يكون المقاومون الذين أسروا الصهاينة الثلاثة في الخليل قد اضطروا للتخلص منهم بدلاً من الاحتفاظ بهم ومبادلتهم بسبب الضغط الأمني المشترك الصهيوني-السلطوي…
لا يفوتنا أيضاً أن نشير أن الجو العام الذي خلقه ما يسمى “ربيعاً عربياً” قد همش التناقض مع العدو الصهيوني لمصلحة التناقضات والصراعات الطائفية والفئوية ومشاريع “الإصلاح” المحلية… ومن الطبيعي أن تزداد شراسة وعدوانية الكيان الصهيوني عندما لا تجد من يردعها، وعندما تتمحور أجندة “الربيع العربي” حول استهداف قوى المقاومة والممانعة بكل الأشكال.
كذلك لا ينفك الكيان الصهيوني يطلق الإشارات حول استهداف الأردن، فتارةً يعلن عن وضع أمن الأردن تحت وصايته الأمنية، وبالتالي السياسية، قائلاً أنه مستعدٌ للدفاع عن أمن الأردن في وجه سورية أو “داعش”، وطوراً يعلن عن مد جدار عازل بطول مئات الكيلومترات على مدى الحدود مع الأردن، مما يعني ضم منطقة الغور برمتها، وفرض وقائع جديدة على الأرض تسقط آمال المتوهمين بـ”دويلة” في حدود الأراضي المحتلة عام 67، وهو ما يعني بدوره حل مشكلة “التمثيل الفلسطيني”، التي باتت برنامج من أسقطوا مشروع التحرير، ضمن سياق حكم ذاتي محدود في الضفة وغزة، وخارجها… ونكرر: خارجها.
يتذرع نتنياهو طبعاً أن بناء الجدار على طول الحدود مع الأردن هو لحماية الكيان الصهيوني من “داعش” إذا دخلت الأردن، وهو ما يوحي بأن الكيان الصهيوني قد يعبث باستقرار الأردن تحت مسمى “داعش” لتبرير مثل ذلك السلوك، لكنه سبق أن طرح نفس فكرة الجدار مع الأردن في شهر تشرين ثاني 2013 بذريعة توافد مئات آلاف اللاجئين السوريين للأردن، وكان قد طرحه قبل ذلك في آذار 2011 في مستهل ما يسمى “الربيع العربي” زاعماً أن أحداً لا يستطيع التكهن بما سيأتي به من مخاطر أمنية.
كل ما سبق يوحي أن الكيان الصهيوني يستهدف أمن الدول المحيطة به بالتوازي مع تصفية القضية الفلسطينية سياسياً، كما يوحي أن الكيان الصهيوني يعبث بنا نحن العرب سياسياً وأمنياً وأننا إن لم نعد توجيه البوصلة باتجاه القدس، فإننا ذلك لا يعني التخلص من عبء المواجهة مع الكيان، بل يعني نقله لعبء مواجهته معنا إلى صراعات أهلية وداخلية.
جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية
عمّان 5/7/2014
للمشاركة على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=305630179605391&set=a.117281655106912.23229.117138758454535&type=1