اخترق الشعب العربي الفلسطيني أوسلو وأخواتها بمقاومة بطولية توّجها بصمود رائع لمخيم جنين وبمئات القنابل البشرية. وأهمية هذه القنابل البشرية لا تنبع فقط من دورها الاستراتيجي في تعديل ميزان القوى لمصلحة الشعب الفلسطيني، وفي ضرب نقطة الضعف الأولى عند العدو وهي العنصر البشري، وفي إفشال مخططات إخضاع الشعب الفلسطيني سياسياً أو أمنياً تحت عباءة “العملية السلمية” أو “السور الواقي” أو غيره، وفي شلّ تذبذب القوى التسووية في الساحة الفلسطينية الساعية إلى إيجاد دور لها ضمن المنظومة الإقليمية، وفي تحريك الشارع العربي، وفي خلق حالات شقاق في صفوف العدو مثل الامتناع عن أداء الخدمة العسكرية في الضفة الغربية وغزة، وغير ذلك كثير… إن الأهمية الأولى لتكتيك القنابل البشرية والدعم الشعبي العربي والفلسطيني العارم لها ينبع من تعبيرهما عن فهمٍ عميق لطبيعة الصراع على أنه صراع تناحري ضد الوجود اليهودي في فلسطين بالأساس، لا فرق في ذلك بين من يسمون “مدنيين” أو عسكريين، فكلهم غزاة، وجودهم بحد ذاته على أرض فلسطين يصب في تحقيق الهدف الاستراتيجي بتهويدها.
القنبلة البشرية إذن هي التعبير الأسمى عن المشروع السياسي الذي ينطلق من رفض أدوات التهويد من حيث المبدأ، ومن إبداع وسائل مقاومتها بالفعل، فهي أرقى حالة أيديولوجية وصل إليها النضال الوطني الفلسطيني منذ أكثر من قرن، ولأنها كذلك، فهي ليست في ممارستها أو في الإنجازات التي تحققها ملكاً لهذا الطرف السياسي أو ذاك، بل للشعب الفلسطيني بأسره، وقد مارستها كل شرائح الشعب الفلسطيني من إسلاميين ووطنيين ويساريين ورجال ونساء وشبان وشيوخ. فهي تعبير عن وعي شعبي فلسطيني تجذّر فيه إدراك حقيقي لكنه الصراع وطبيعته التناحرية مع الوجود اليهودي في فلسطين، فهي الامتداد المنطقي للنضال الفلسطيني المستمر منذ أكثر من مائة عام.
وببساطة، يمكن طرح مشروعية استهداف من يسمون “المدنيين الإسرائيليين” على ما يلي:
1 – إنهم يحتلون أرضاً ليست لهم بالقوة
2 – إنهم مارسوا التطهير العرقي ethnic cleansing ضد سكانها الأصليين، أي الفلسطينيين العرب
3 – إنهم بعد 66 عاماً ما زالوا يرفضون السماح لهؤلاء بالعودة إلى أرضهم وبيوتهم
4 – إنهم ما زالوا يصادرون الأراضي ويعملون على تهجير من بقي في أرضه من الفلسطينيين
5 – إنهم ما زالوا يقتلون ويضطهدون الفلسطينيين يومياً
6 – إنهم يجب أن يفهموا بطريقة أو بأخرى أن الدم العربيّ ليس برخيص، خاصة خلال ما يسمى بوقف إطلاق النار
7 – إنهم استغلوا ما يسمى “عملية السلام” من أجل تعزيز مكاسبهم على الأرض، وقد تم بناء حوالي 95 مستعمرة جديدة بين عام 1993 وعام 2000 في الضفة الغربية وغزة، هذا غير توسيع المستعمرات القائمة والطرق الالتفافية، وتهويد القدس منذ ذلك الوقت حتى الآن
8 – إنهم يستطيعون أن يقرضوا الفلسطينيين بعض طائرات الآباتشي والكوبرا وال ف 16 إذا كانت تزعجهم الحجارة والقنابل البشرية إلى هذه الدرجة
9 – إن باستطاعتهم دائماً أن يعودوا من حيث أتوا إذا كانت لا تعجبهم الطرق القليلة المتاحة أمام الفلسطينيين لتحرير أرضهم
10 – إنهم موضوعياً، بحكم وجودهم الجغرافي السياسي في فلسطين، جزء من قاعدة استعمارية في قلب الوطن العربي، وقد تكون هذه النقطة الأهم.
وإذا كنا نقدم هذا العرض لسمو القنبلة البشرية أو العملية الاستشهادية في مواجهة الكيان الصهيوني، فإن الاستشهاديات العربيات الفلسطينيات كن أجمل شكلٍ لها في الانتفاضة الثانية، وقد سطرن إحدى عشرة قصيدة على بحرها: وفاء ادريس، دارين أبو عيشة، آيات الأخرس، عندليب طقاطقة، هبة دراغمة، هنادي جرادات، نورا شلهوب، إلهام الدسوقي، ريم الرياشي، سناء قديح، وزينب أبو سالم.
فعندما أصبح الاستشهاد حلماً لا تضحية، وفناً للحياة، تجسدتالملائكة في زماننا في قوالب الاستشهاديات، فحطمن بلحظات في آنٍ معاً كل سخافاتالنماذج التجارية وقيود العصور، واثبتن أنهن كفواً للرجال في النضال، فأخذن الشجاعة ونكران الذات لأقصى مداهما، وتحدين بشكلٍ مباشرٍ رجولة كل رجل عربي ينقاد كالخروف تحت سياط العسف الداخلي والخارجي في الوقت الذي يمارس فيه رجولته على أمثالهن بعدما كشفن بتضحيتهن ودمهن مدى هشاشة مفهومه للشرف إذا لم يتحرك فوراً للدفاع عن حقوق الأمة. فكانت رسالة بالدم لكل رجل عربي، ولكل ضمير حر في هذا العالم، هزتنا جميعاً.
وبمناسبة إعادة قوات الاحتلال رفات الشهيدة ايات الاخرس لذويها بعد غياب 12 عام في مقابر الارقام، ودفنها في مثواها الاخير بمقبرة الشهداء في أرطاس يوم 3/2/2014، نهدي اعتصام جك الـ203 لها ولأخواتها الاستشهاديات في فلسطين ولبنان، ومنهن الاستشهادية سناء المحيدلي، والاستشهادية لولا الياس عبود، ولنضالات المرأة العربية بشكلٍ عام .
كل بوصلة لا تتجه للقدس هي بوصلة مضللة أو مشبوهة أو مخترقة.
شارك بأطول اعتصام بتاريخ الأردن..
وسنواصل في اعتصامنا الأسبوعي رقم 203، يوم الخميس الموافق في 6/2/2014، من الخامسة والنصف حتى السادسة والنصف مساءً، رفضنا لوجود السفارة الصهيونية في عمان، ومطالبتنا بإعلان بطلان معاهدة وادي عربة.
من أجل أردن خالِ من الصهيونية، شارك بالاعتصام الأسبوعي كل خميس على رصيف جامع الكالوتي في الرابية احتجاجاً على وجود السفارة الصهيونية في الرابية.
احتجاجنا ضد وجود سفارة العدو الصهيوني في عمان ليس موسمياً ولا عارضاً، وليس ردة فعل ضد المجازر الصهيونية فحسب.
موقفك. أرضك. قضيتك. .
“جك”
للمشاركة بالإيفنت:
https://www.facebook.com/events/1398045317096991/permalink/1398045327096990
للمشاركة على الفيسبوك: