الاعتصام 200

بشار شخاترة

 

العنوان هو اختصار لـ”جماعة الكالوتي” كما سماهم الامن، وهم جماعة من الشباب الذين دأبوا منذ ثلاث سنوات ونصف على الوقوف على رصيف جامع الكالوتي اسبوعيا مساء كل خميس بالقرب من السفارة الصهيونية في عمان رفضا لوجود هذه السفارة ومطالبين بإعلان بطلان معاهدة وادي عربة مع الكيان الصهيوني، اما الرقم 200  فهو الاعتصام المئوي الثاني الذي سجلته جك في مسيرتها، ولا نذيع سرا اذ نقول ان الاعتصام يعمل تحت مظلة جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية.

 

ان الدلالة السياسية والنضالية التي يطرحها هذا الاعتصام تتعدى الروتين او المفهوم التقليدي للاعتصامات، فعندما تكون مناهضة الصهيونية من المحرمات وعندما يرتبط التغيير الحقيقي نحو العدالة وتحقيق مشاركة سياسية فعلية وما اصطلح عليه ( اصلاحا ) في الاردن بكسر حلقة التبعية نحو الغرب عموما والكيان الصهيوني خصوصا، والذي ربط الاردن بمعاهدة سياسية امنية اذا استمرت مفاعيلها تعمل، فان الاردن كدولة مهدد بالزوال ولكن ليس لصالح وحدة عربية ننشدها وانما لصالح تفريغ فلسطين من اهلها وتحقيق فكرة الخزان البشري والوعاء الوظيفي الحاضن لإفرازات قيام “اسرائيل” وبقائها.

 

والحال كذلك فان دلالة الاعتصام تتعدى العدد الذي يحضره من الناشطين الجكيين، وانما لا يفتأ ان يذكر الجميع بالانحطاط الذي تسير نحوه الامور في الاردن، ولا يقتصر هذا على الحكومة التي تتبنى المعاهدة وتسهل التطبيع مع الصهاينة، وانما يتعداه الى القوى السياسية في الساحة الاردنية والتي للان لم تتعاطى مع الاعتصام ومدلوله السياسي والاستراتيجي نحو التغيير الذي تطالب به تلك القوى، فمسألة الاولويات تسيطر على تفكيرهم متناسين ان الاولوية هي تحرير الوطن قبل الديموقراطية والانتخابات والتمثيل وغيره، فالحركة الوطنية الاردنية في خمسينات القرن الماضي كانت تخوض المعركة التي يفترض ان القوى تخوضها اليوم في مواجهة الحكم ولكن لم يغب عن بالها اولوية اسقاط المعاهدة البريطانية ورفض المساعدة المالية والعسكرية التي تترتب عليها وقد استطاعت ان تحقق ذلك.

 

باختصار تنبع أهمية اعتصام جك من: 1) موقعه، باعتباره الموقع الأكثر قرباً في الاردن من التناقض الرئيسي، 2) استمراريته، باعتباره نموذجاً للعمل المنهجي طويل النفس، غير المعتمد على ردود الفعل الانفعالية إزاء الأحداث، و3) رسالته، باعتبار إعلان بطلان معاهدة وادي عربة اساس التغيير في الاردن، 4) ربطه للبعد الوطني الأردني بالبعد القومي العربي…

 

وحول النقطة الأخيرة بالذات نقول ان جك بمضامينه الاردنية لا يقل اهمية عن مضمونه القومي، لان التلازم موجود اساسا فما هو وطني اردني بالضرورة قومي ايضا، والاصل ان المصلحة القومية لا تتعارض مع المصلحة الوطنية واذا تعارضت فالمصلحة ليست وطنية لان الوجود القومي اصيل اما الوجود الوطني ( القطري ) فطارئ دخيل، وبالعودة الى المضامين القومية فقد تطور خطاب جك الى طرح التداعيات القومية للقضية القومية المركزية وهي فلسطين على رصيف الاعتصام، فعندما تربط بين قوانين التهويد وبين مشاريع التصفية الجارية الى ابطال مثل احمد الدقامسة وسليمان خاطر وغيرها من العناوين لنؤكد اننا امام مشروع قومي كبير اختارت جك ان تحمل بعضا منه في مواجهة مشروع كبير ايضا صهيوني، لنجد دائما اننا نصل الى نفس المعضلة: الاحتلال والتجزئة والتلازم القائم بينهما.

 

في نهاية هذه العجالة اود ان اشير الى مفارقة العدد 200، فبالقدر الذي نواظب فيه على مراكمة عملنا والاصرار على الاستمرار الا انه في نفس الوقت لا نود ان نستمر ولا يسرنا ان نصل الى رقم اكبر من ذلك املا في تحقيق هدفنا اغلاق السفارة وانهاء كل ذيول المعاهدة وتحرير الاردن من التبعية للصهيونية .

 

للمشاركة على الفيسبوك:

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=246710502164026&set=a.117281655106912.23229.117138758454535&type=1&stream_ref=10