محاضرة عن وعد بلفور 2/11/1917

عبدالله محمود حموده

إربد 3/11/2010

عندما دخل اللمبي القدس وقف وقال الآن انتهت الحروب الصليبية، وعندما دخل جورو القائد الفرنسي إلى دمشق في الحرب العالمية الأولى وقف على قبر صلاح الدين وقال ها قد عدنا يا صلاح الدين.

إن هذه العبارات لم تأتي جزافاً، إنما تؤكد على أن الغرب الاستعماري بقواه الرئيسية كان يرى أن الأمة العربية إذا توحدت تشكل خطراً حقيقياً على مصالحه ولذلك عندما فشل في الحروب الصليبية واضطر أن يخرج من بلادنا بعد مائتي عام بدأ يخطط كيف نعمل على دراسة هذه الأمة العربية حتى ننتصر عليها. وهذا قادهم إلى دراسة أوضاع الأمة من جميع النواحي واستمر ذلك أكثر من ثلاثة قرون ما عرف في ظاهرة الاستشراق.

لقد قرأوا تاريخ الأمة وأوضاعنا الاقتصادية والدينية والجغرافيا وتوصلوا إلى نتيجة أن هذه الأمة يجب أن لا تتوحد، ولقد كان أكبر مثل على ذلك الحملة التي قادتها اتفاقية لندن في تموز 1840 لتحجيم دور محمد علي وإبقاء تركيا العثمانية ضعيفة قابلة للإذعان والشروط الأوروبية.

من المعروف أن محمد علي وأولاده وصلوا في نفوذهم إلى الجزيرة العربية وإلى الشمال الأفريقي العربي واحتلوا بلاد الشام وعلى مشارف اليونان مما هدد بإيجاد قوة عربية تسيطر على خطوط الاتصالات البحرية ومن هنا تداعت انجلترا والنمسا وروسيا وتركيا العثمانية إلى عقد مؤتمر لحل المسألة الشرقية في 15 تموز 1840 وكان ذلك بمثابة انتصار للسياسة الاستعمارية البريطانية في لندن في حين انعزلت فرنسا واشتملت اتفاقية لندن على البنود التالية:

1-    تسلم مقاليد مصر بيد محمد علي ملكاً وراثياً.

2-    تناط فلسطين (ولاية عكا) بإدارته ملكاً عليها مدى الحياة.

3-    إعادة جميع الممتلكات الأخرى التي استحوذ عليها إلى السلطان العثماني.

4-    في حال عدم موافقة محمد علي على هذه الشروط خلال عشرة أيام يحتفظ بمصر لوحدها فقط.

ولما رفض محمد علي تلك الشروط ورفض إنذارات أوروبا وأعلن بأنه سيبقى في القوة لأن ما ربحه كان بالقوة بدأت انجلترا والنمسا تعملان مع تركيا بالتحضير لعمليات حربية ضده، فوصل إلى السواحل السورية أسطول انجليزي ونمساوي كانت من ضمنه بواخر جديدة وأنزلت في 11 أيلول 1840 أنزلوا قوات شمال بيروت وبدأوا يمدوا أنصارهم بالمال والسلاح وقامت انتفاضة لبنانية ضد المصريين. وفرنسا في تلك الفترة لم تساعد مصر التي كانت تعول عليها.

في 10/10/1840 سحقت القوات المصرية واستسلم الأمير بشير الثاني الشهابي للانجليز ونفي إلى جزيرة مالطا، واقترب الأسطول البريطاني من السواحل المصرية وأنذر محمد علي باشا بالتهديد. وتم لهم بعد ذلك ما أرادوا.

في عام 1798 أطلق نابليون صرخته الشهيرة بنداء إلى اليهود لإقامة دولة يهودية في فلسطين وأن فرنسا تدعم هذا الخط. وعندما كان نابليون يقوم في حروبه في أوروبا وصولاً إلى روسيا كان اليهود يعيشون في جيتاوات معزولة فكان يطلق لهم الحرية للعمل تأكيداً لمصداقيته لدعوته في إقامة دولة يهودية في فلسطين مما شجع اليهود وكتابهم على بذل مزيد من الجهود في هذا الاتجاه إقامة دولة يهودية في فلسطين.

وعندما تم افتتاح قناة السويس في 1870 بقيادة فرنسية شعرت بريطانيا بالخطر وبقيت تعمل لسيطرة بريطانية على مصر واشترت أسهم كثيرة من أسهم قناة السويس باعتبارها طريقاً بحرياً مهماً لمستعمراتها وخاصة الطريق إلى الهند.

كانت إيطاليا وإسبانيا وروسيا وألمانيا بالإضافة إلى الدانمرك تسعى كل منها إلى موطئ قدم في فلسطين مع ضعف الدولة العثمانية وبعد انتصار بريطانيا ومن حالفها من الدول الأوروبية أصبحت هناك قوة هائلة للقناصل الأجنبية في فلسطين أيام العثمانيين وتم إصدار قانون بالسماح بالتملك للأجانب في فلسطين. وبالتالي سمح لأول مرة لليهود بالتملك رسمياً للأراضي في فلسطين من أجل الإنصاف عندما قابل هرتزل السلطان العثماني لم يسمح له بإقامة دولة في فلسطين لكنه سمح بالهجرة اليهودية إلى فلسطين التي هي القاعدة الرئيسية لإقامة الدولة فيما بعد حيث أقاموا المستوطنات والمستعمرات في أجزاء معينة في فلسطين.

في عام 1903 تم عقد معاهدة الصداقة بين فرنسا وبريطانيا التي بموجبها اعترف كل طرف بمصالح الآخر ورأى كتشنر أحد كبار الضباط الانجليز في ضرورة إقامة كيان سياسي يهودي في فلسطين بين عكا والعقبة. ولقد زاد في مخاوفه بناء سكة حديد الحجاز في 1906 بين دمشق ومكة وخصوصاً بعد أن طلب الأتراك من ألمانيا استكمال فرع درعا حيفا ليصل إلى رفح ومن ثم بناء فرع بين معان والعقبة مما وتر العلاقات بين فرنسا وبريطانيا من جديد. وإزاء هذه السياسة البريطانية جرى تقارب بين فرنسا وألمانيا.

إن التنافس بين الدول الرأسمالية من أجل بسط نفوذها على المستعمرات والموارد والأسواق وعلى أرضية التحالفات القائمة على المصالح وموازين القوى استعلت شرارة الحرب العالمية الأولى. في تلك الفترة كانت الدراسات البريطانية والفرنسية والألمانية والروسية ومعهم النمسا وإيطاليا والدانمرك وإسبانيا والبرتغال تنتظر تفكيك الدولة العثمانية ليأخذ كل بلد منهم حصة ما من تركة الرجل المريض. ومن أجل توجيه ضربة قوية إلى السلطة العثمانية التي تحالفت مع ألمانيا بدأت علاقات ومباحثات بين الانجليز والشريف حسين في مكة في 1914 والتي كان يديرها الأمير عبدالله بن الحسين.

وعندما تم الإعلان الرسمي لدخول الأتراك الحرب كانت العلاقات الانجليزية مع شريف مكة وصلت إلى مرحلة إعلان الثورة العربية ضد السلطة العثمانية بدعم انجليزي.

في أيار 1916 كان هناك اتفاقية بين بريطانيا وفرنسا وروسيا لتقسيم الوطن العربي والممتلكات العثمانية سميت باتفاقية سايكس-بيكو وعندما قامت الثورة الروسية بقيادة لينن في 1917 تم فضح هذه الاتفاقية السرية. وكانت هذه الاتفاقية تنص على وجود فرنسي في سوريا ولبنان، وفلسطين والأردن والعراق تحت السيادة البريطانية. وكانت هذه الاتفاقية قبل الإعلان عنها تعتبر من الاتفاقيات السرية. ومن الغريب أن الحكومة البريطانية أصدرت بياناً رسمياً في 28 تموز 1916 تؤيد حركة شريف مكة وتقول في بيانها (وكانت بريطانيا العظمى تعطف دائماً على العرب ولكن صداقتها التقليدية لتركيا اضطرتها في الماضي إلى البقاء على الحياد. أما الآن وقد انضمت تركيا إلى صف الدول الوسطى (ألمانيا والنمسا) فقد أصبحت بريطانيا العظمى حرة في إظهار عطفها على العرب الذين انخرطوا في عداد الحلفاء ضد العدو المشترك).

(ومن القواعد الجوهرية في سياسة بريطانيا العظمى التي لا تقبل التغيير والتبديل أن تبقى هذه الأماكن المقدسة في أيدي حكومة إسلامية مستقلة).

هكذا تكذب بريطانيا على شريف مكة حيث كانت قبل هذا البيان قد وقعت مع فرنسا وروسيا اتفاقية سايكس-بيكو. في ظل هذه الأجواء وإضافة وتتويج لسايكس-بيكو أصدرت الحكومة البريطانية وعد بلفور في الثاني من تشرين الثاني 1917.

لقد صدر هذا الوعد الذي شكل محطة رئيسية في تاريخ الاستيطان الصهيوني والقضية الفلسطينية وبالانسجام مع المخططات البريطانية إزاء المنطقة وكان نص الرسالة كما يلي:

وزارة الخارجية

2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917 م

عزيزي اللورد روتشيلد

يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية وقد عرض على الوزارة وأقرته.

“إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا بالحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلاد الأخرى.”

وسأكون شاكراً  لو تكرمتم بإحاطة الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.

المخلص

آرثر جيمس بلفور

ومن الجدير بالذكر أن بلفور المذكور عندما كان رئيساً للوزراء في عام 1904 أصدر مرسوماً يمنع الهجرة اليهودية إلى بريطانيا، ولكن المصالح البريطانية الاستراتيجية التي تريد فصل أفريقيا العربي عن آسيا العربية وإبقاء المنطقة العربية تحت هيمنتها خصوصاً بعد اكتشاف النفط ولتأمين طرق مواصلاتها إلى الهند وبعد هزيمة محمد علي وفتح القنصليات في القدس كانت النتيجة هو وعد بلفور الذي جاء تلبية لهذه المصالح وليس بقوة الصهيونية وحدها.

تحركت الصهيونية على كافة الدول لتأخذ موافقتها على هذا الوعد فأخذت موافقة وزير خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وغيرها من الدول على هذا الوعد وأثناء اجتماع عصبة الأمم حيث اتخذ قرار بانتداب بريطانيا على فلسطين تم إدخال وعد بلفور في صك الانتداب ليصبح من واجب بريطانيا على المستوى الأممي تنفيذ وعد بلفور على الأرض وتم تعيين أول مندوب سامي يهودي في فلسطين هو هربرت سامويل الذي صدر مجموعة قوانين في كافة المجالات للسيطرة الصهيونية على فلسطين في مجالات الأراضي والجنسية والهجرة اليهودية. ففي مجال الإدارة العسكرية والإدارة المدنية تم إصدار قوانين تخدم قيام وطن قومي يهودي في فلسطين حيث تم في مؤتمر سان ريمو في 25 نيسان 1920 بإيطاليا وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني وفي ردهات هذا المؤتمر تم الاتفاق على تكليف هربرت سامويل لتنفيذ هذا القرار وهو يهودي صهيوني النزعة وصفه وايزمان بأنه أحد رجالهم (He is our Samuel) وهذا السامويل هو الذي قدم مذكرة إلى وزير الخارجية البريطانية في 1914 (لإقامة دولة يهودية في فلسطين لتكون سنداً لبريطانيا في مصر). فعمل على تهويد أجهزة الحكم واعترف باللغة العبرية كلغة رسمية ثالثة  ووضع رجالات من اليهود الصهاينة البريطانيين في مناصب حساسة، فكان مثلاً منهم سكرتير الإدارة المدنية وسكرتير المالية ومدير دائرة الهجرة والنائب العام والمشرف على التجارة والصناعة وقائد مقاطعة حيفا ومسؤول الأشغال العامة والمشرف على التعليم وقائد مقاطعة يافا وقائد مقاطعة القدس كلهم من الصهاينة من أجل تنفيذ وعد بلفور. وتم تسخير قوانين البلاد لخدمة الوطن القومي في مجال الأراضي والهجرة والجنسية وقانون النقد الفلسطيني وامتيازات يهودية في فلسطين مثل مشروع روتنبيرغ وامتياز البحر الميت وتجفيف بحيرة الحولة وعمل ميناء تل أبيب وسمح لليهود بالإشراف على مدارسهم. كل هذه القوانين لخدمة الوطن القومي اليهودي في فلسطين.

بعد افتضاح أمر سايكس-بيكو ووعد بلفور التي كانت مؤامرة ضد الوحدة العربية والتقدم العربي ووصل الخبر إلى شريف مكة أرسل أحد القادة البريطانيين إلى شريف مكة لإقناعه بأن الأعداء يروجون ويكذبون في هذه المسألة. وعلى هذا الأساس تم إرسال أحد رؤساء المكتب العربي بالقاهرة الانجليز وهو القائد هوجارث فوصل جدة في الأسبوع الأول من كانون الثاني 1918 وقابل الملك مرتين وهوجارث هذا هو باحث وعالم آثار وأحد أكبر الثقاة في التاريخ العربي في أيامه. وكانت الرسالة التي وكل إلى هوجارث نقلها ذات أثر في تهدئة خواطر الشريف حسين واطمئنانه التام حيث كانت التطمينات شفوية وقد دونها الشريف حسين. وكان الشريف حسين صريحاً في جوابه فقال لهوارث: “ما دامت الغاية في وعد بلفور هي أن يهيئ لليهود ملجأ من الاضطهاد فإنه سيبذل كل نفوذه ليساعد على تحقيق تلك الغاية وسيوافق على كل تدبير يرى مناسباً لتأمين الأماكن المقدسة والإشراف عليها من قبل أتباع كل مذهب من المذاهب التي تملك لها معابد مقدسة في فلسطين، غير أنه وضح أن مسألة التنازل عن مطلب السيادة للعرب لن تكون موضع بحث أبداً، إلا أنه يرضى حين يحين الأوان أن ينظر في الإجراءات التي قد تبدو أوفق من سواها بتزويد الحكومة العربية في سوريا بخبراء إداريين وفنيين”.

ويقول جورج أنطونيوس في يقظة العرب الذي ترجمه الدكتور ناصر الدين الأسد والدكتور إحسان عباس ونشرته دار العلم للملايين يقول: ص 377: (وقدم حسين في الأشهر التي تلت براهين كثيرة على إخلاصه في موقفه فبعث برسائل إلى كبار أتباعه في مصر وفي صفوف قوات الثورة ليخبرهم أنه تلقى تأكيدات من الحكومة البريطانية بأن توطين اليهود في فلسطين لن يتعارض مع استقلال العرب في تلك البلاد، ويحثهم على أن يستمروا على إيمانهم بعهود بريطانيا وبجهود أنفسهم لنيل الحرية وأمر أبناءه أن يعملوا ما في وسعهم لتخفيف المخاوف التي أثارها وعد بلفور بين أتباعهم، وأوفد إلى فيصل في العقبة رسولاً بتعليمات مماثلة، وأوعز بنشر مقالة في الجريدة الرسمية (القبلة) الناطقة بلسانه في مكة في العدد 182 في 23 آذار 1918 يدعو فيها السكان العرب في فلسطين ليتذكروا أن كتبهم المقدسة وتقاليدهم توصيهم بواجبات الضيافة والتسامح، ويحضهم على أن يرحبوا باليهود إخواناً وأن يتعاونوا معهم في سبيل الصالح المشترك”.

ونجحت جهود السلطات البريطانية بمصر في تبديد المضمون السياسي الذي انطوى عليها وعد بلفور، بعض النجاح. فوصلت القاهرة لجنة صهيونية برئاسة وايزمان، فقدم للسامعين وصفاً مطمئناً عن أهداف الصهيونيين وتنظيماتهم ووضعهم في حالة من الاقتناع بفكرة التعاون بين العرب والصهاينة. وأثرت تأكيدات وايزمان في صاحب إحدى الصحف ذات الأثر الواسع في القاهرة (الدكتور فارس نمر) أحد مؤسسي جريدة المقطم اليومية المشهورة في القاهرة حتى أنه سخر الأعمدة الضافية في جريدته ليبدد مخاوف العرب حول مستقبلهم السياسي ويدعو إلى التفاهم بين الشعبين.

الدور الأميركي

كانت بريطانيا في الحرب العالمية الأولى على وشك الهزيمة من ألمانيا وحلفائها، وكان للصهاينة دور مهم في إقناع الرئيس ويلسون في الدخول إلى الحرب بجانب الحلفاء حيث دخل أكثر من مليون ونصف مليون جندي أميركي بكامل قواتهم البحرية والبرية والقدرة التموينية الهائلة من أجل دعم الحلفاء بريطانيا وفرنسا في تلك الفترة خاصة أن ألمانيا أغرقت بواخر تموينية أمريكية لبريطانيا في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا منهكة، ولعب لويس براندس مستشار ويلسون ورئيس المحكمة العليا الأميركية ورئيس المنظمة الصهيونية في أميركا أيضاً والصديق الكبير لوايزمان في التأثير على ويلسون بالانضمام إلى الحرب إلى جانب بريطانيا وحلفائها. كما أنهم أقنعوه بالموافقة على وعد بلفور وبالتالي كان ضمناً مع إدخال وعد بلفور في صك الانتداب البريطاني على فلسطين.

أميركا وسايكس – بيكو

في بلادنا يتم التركيز على أن سايكس – بيكو كان بين فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية ولا يذكر شيئ في دور أميركا في سايكس – بيكو، ولقد وجدت في كتاب المعاهدات الدولية وثيقة صادرة في عام 1919 اسمها اتفاقية تنفيذ سايكس – بيكو يرد فيها أنه إذا كان قد حصل خلاف بين فرنسا وبريطانيا في تنفيذ اتفاقية سايكس – بيكو فإن الرئيس ويلسون الأميركي هو الحكم بينهما من أجل سوية التنفيذ. ومن هنا يتضح أن لأميركا دور كامل سواء في سايكس – بيكو أو في وعد بلفور.

ومن الجدير بالذكر عندما ننظر إلى الصورة الآن ومنذ وجود بريطانيا في فلسطين ورغم كل عملها لإقامة الكيان الصهيوني الغاصب وما نتج من نكبة 1948 نجد الدول العربية حتى الآن تقوم علاقتها الاستراتيجية مع أميركا ومع بريطانيا وفرنسا والغرب عموماً.

إن القضية الفلسطينية تمثل القضية الأولى للأمة العربية ولنضالها، فتحرير فلسطين يعني تحرير الأمة من كل القيود ويعني وحدتها وسيطرتها على أسواقها وعلى ثرواتها ولكن الأنظمة العربية زادت وأوغلت في التعاون مع العدو الصهيوني بتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة. وكما يجرى الآن الحديث عن يهودية الدولة الصهيونية بصمت عربي مطبق وقيادة في رام الله تقول أن كل الأوراق بيد أميركا وأنها ترى في المفاوضات طريقاً وحيداً لإقامة دويلة في الوقت الذي نرى الحكومة الصهيونية تصادر الأراضي وتهدم البيوت وتقيم المستوطنات وتطلب تصفية قضية اللاجئين في التوطين سواء في البلاد العربية أو في الخارج وبدعم كامل من أميركا والدول الأوروبية. وربما اليوم تكون أخطر قضية عليها إجماع يهودي صهيوني على شطب حق العودة الذي لن يتم إلا بالتحرير والمقاومة بكل أشكالها، ومما يلفت النظر عن الدور الأميركي مبكراً في تصفية قضية اللاجئين هي الرسال التي أرسلت في 29/3/1949 إلى جلالة الملك عبدالله بن الحسين والذي نشرها يوسف هيكل في كتابه المنشور في عمان من دار الجليل والنشر صفحة 200 حيث يقول ترومان “إني أدرك أن أحد نصوص الاتفاقية السرية التي وقع عليها بالأحرف الأولى من قبل ممثلي جلالتكم أخيراً هو أن الاتفاقية لا تؤثر بحال من الأحوال على التسوية السياسية النهائية بين الفرقاء. يمكن التأكيد لجلالتكم بأن حكومة الولايات المتحدة كعضو في لجنة التوفيق الدولية لفلسطين ستعتبر أي محاولة جدية للإخلال في شروط الاتفاقية السرية بين شرق الأردن وإسرائيل عقبة خطيرة في التقدم نحو السلام في فلسطين، وإن حكومة الولايات المتحدة ستكون مستعدة لاتخاذ إجراءات قوية لمثل هذه المحاولة توجه للفريق الذي يحاولها”.

إن هذه الرسالة تبين أن هناك اتفاقية سرية كما يقول ترومان في قضية اللاجئين لأن لجنة التوفيق مختصة في قضية اللاجئين.

المقاومة العربية في فلسطين

منذ بداية الهجرة الصهيونية إلى فلسطين وخاصة عندما شعر عرب فلسطين أن هؤلاء ليسو حجاجاً ولا زواراً إلى الأماكن المقدسة بل هم جزء من حركة استعمارية صهيونية للسيطرة على فلسطين. فقامت أول انتفاضة في عام 1882 وبعثوا برسالة إلى السلطان العثماني يخبروه فيها بالخطر اليهودي على فلسطين. وفي عام 1904 ظهر كتاب يقظة الأمة العربية لمؤلفه نجيب عازوري الذي قال فيه: توجد الآن حركتان قوميتان متصارعتان على أرض فلسطين والصراع بينهما تناحري هما الحركة الصهيونية وحركة الأمة العربية وعلى انتصار أي منهما يتوقف مصير العالم. وفي عام 1920 عقدت مؤتمرات عربية في سوريا ترفض وعد بلفور وسايسك – بيكو تؤكد أن الخطر الصهيوني الاستعماري هو خطر على الأمة العربية جميعاً وكان يحضر هذه المؤتمرات عرب من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن. كما قامت ثورة البراق في نهاية العشرينات، ثم ثورة 36 – 39 حيث قامت بريطانيا بجلب خمسين ألف جندي بريطاني ولم يستطع أن ينهي الثورة، وقام الشعب العربي في فلسطين بأطول إضراب في التاريخ حيث استمر ستة أشهر شلت فيه الحركة من جميع النواحي وامتنع الأهلون عن دفع الضرائب واعتمدت الثورة على أبناء عرب فلسطين وأبناء الأمة العربية حيث شارك رجال عرب من أكثر من قطر عربي مثل عز الدين القسام وسعيد العاص وغيرهم حيث كانت تشعر الأمة العربية أن الخطر يهددها جميعاً وأنه لا بد أن يكون الرد قومياً على مستوى الأمة ولكن بريطانيا لجأت إلى الدول العربية التي صنعتها لتوجه رسالة إلى قادة الثورة في فلسطين بإلقاء السلاح والثقة في صديقة العرب بريطانيا الأمر الذي أدى إلى قيام دولة الكيان الصهيوني عام 1948.

وعندما قامت الثورة العربية في مصر بقيادة جمال عبدالناصر استمر العالم الغربي بقيادة أميركا وبريطانيا وفرنسا والصهاينة في محاصرة هذه الثورة بكافة الأشكال وقاموا بالاعتداء الثلاثي على مصر عام 1956 كما قاموا بالعدوان عام 1967 للتخلص من القيادة الثورية في مصر التي تحاول أن تبني أسس نهضوية عربية في مصر من جميع النواحي بما فيها الإيمان الكامل بالوحدة العربية وضرورة تحرير الأقطار العربية الواقعة تحت الاستعمار سواء كان فرنسياً مثل الجزائر أو صهيونياً مثل فلسطين أو انجليزياً مثل عدن والعراق وتمت الوحدة العربية بين مصر وسوريا عام 1958 وازداد التآمر الغربي على الوحدة التي ذبحت عام في 28 أيلول 1961 لإيجابياتها وليس لسلبياتها حتى تضرب فكرة الوحدة العربية والأمة والعربية والقومية العربية واستمروا في تآمرهم في عام 1967. وعندما ظهرت المقاومة ازداد حصارها حتى تقبل بقيام دولة العدو الصهيوني الأمر الذي حصل في اتفاقية أوسلو ورسائل الاعتراف المتبادل بين عرفات ورابين حيث استسلمت قيادة عرفات وكان النص التالي:

من ياسر عرفات إلى اسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل

إن توقيع إعلان المبادئ ينبئ بعهد جديد في تاريخ الشرق الأوسط وإنني بدافع الاقتناع الجازم أود أن أؤكد التعهدات التالية لمنظمة التحرير الفلسطينية:

إن منظمة التحرير الفلسطينية تعترف بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن. وتوافق منظمة التحرير الفلسطينية على القرار 242 والرقم 338 لمجلس الأمن الدولي.

إن منظمة التحرير الفلسطينية تلتزم بمسيرة السلام في الشرق الأوسط وبالمشاركة في إيجاد حل سلمي ينهي النزاع بين الطرفين وتعلن أن جميع المسائل المعلقة التي ترتبط بالوضع القائم سيتم تسويتها عن طريق التفاوض وتعتقد منظمة التحرير الفلسطيينية أن توقيع إعلان المبادئ يعد حدثاً تاريخياً ينبئ بعهد جديد من التعايش السلمي يكون خالياً من العنف وأي عمل آخر يمكن أن يعرض للخطر السلام والاستقرار. ومن ثم فإن منظمة التحرير الفلسطينية تتخلى عن الإرهاب وعن أي عمل من أعمال العنف وستتحمل المسؤولية بالنسبة لكل عناصر وموظفي منظمة التحرير الفلسطينية. وتتعهد بتدارك أي انتهاك لهذه التعهدات وباتخاذ إجراءات تأديبية ضد أي مخالف لها. ومنظمة التحرير الفلسطينية إذ تستقبل عهداً جديداً وتوشك أن توقع إعلان المبادئ في إطار الموافقة الفلسطينية على القرار 242 والرقم 338 لمجلس الأمن وتؤكد أن مواد ونقاط الميثاق الفلسطيني التي تنكر حق إسرائيل في الوجود وأيضاً نقاط الميثاق التي تتعارض مع التعهدات الواردة في هذه الرسالة أصبحت عديمة الأثر وغير سارية المفعول.

وبالتالي ستعرض منظمة التحرير الفلسطينية على المجلس الوطني الفلسطيني التغييرات الضرورية في الميثاق الفلسطيني للموافقة عليها.

9 أيلول 1993 – ياسر عرفات

إن هذه الرسالة بكل البنود الخطيرة التي احتوتها من اعتراف بدولة العدو ونبذ المقاومة وتسميتها بالإرهاب والتأكيد على أن كل المشاكل تحل بالمفاوضات والتعديلات على الميثاق الوطني الفلسطيني كلها ضد مصالح الشعب الفلسطيني ولقد جاءت تطبيقات أوسلو بأسوأ من ذلك حيث تم تأجيل القضايا الأساسية القدس وحق عودة اللاجئين والاستيطان الصهيوني والحدود والمياه إلى المرحلة النهائية ولا فلسطين بدون القدس ولهذا ولكل ما جرى من زيادة بالاستيطان وبناء للجدار الصهيوني ومئات الحواجز ومصادرة الأراضي واعتبار القدس العاصمة الأبدية لدولة العدو الصهيوني والإجرام الصهيوني اليومي بحق الشعب الفلسطيني وحصار غزة والضفة الغربية كلها تراكما نتيجة التنازلات والتفريط وهدر الثوابت والحقوق كما جاء في اتفاق أوسلو.

إن السيد محمود عباس أعلن مراراً وتكراراً أنه يتبنى اتفاق أوسلو وأنه يعتمد فقط أسلوب المفاوضات ويسعى لفرض رأيه على الجميع. وجاء في ردنا المشترك (المناضل بهجت أبو غربية وعبدالله حموده) في أيار 2008 رداً على رسالة أحمد المحيسن رئيس الجالية الفلسطينية في برلين:

1-  إننا سنبقى على إيماننا أن فلسطين كلها عربية وهي جزء من الوطن العربي وهي أيضاً قضية عربية الشعب الفلسطيني في طليعتها وليس بديلاً عن أمته في النضال. ومن هنا نعتقد أن شعار التحرير والعودة هو الشعار الصحيح معتمدين على نهج المقاومة للاحتلال وليس التفاوض معه في ظل اختلال موازين القوى كما جرى في اتفاق أوسلو ونعتبر شعار الدولة الفلسطينية هو شعار لزرع الأوهام ومضلل لأن الشعار الحقيقي هو التحرير والعودة باعتماد نهج المقاومة. إن أي سلطة في ظل الاحتلال تخلق قوى اجتماعية تتعاون مع المحتل.

2-  إننا لا نستطيع التوقيع على أي مبادرة للوحدة الوطنية تعترف بدولة العدو وفي اتفاق أوسلو وما نتج عنها من اتفاقات، ولهذا فإننا إذ نشكر لكم حماسكم ووطنيتكم مرة أخرى لكننا نعتذر عن التوقيع لأن المبادرة لا تحدد موقفاً واضحاً من إدانة اتفاق أوسلو كما لا تؤكد ولو بكلمة واحدة على نهج المقاومة وإننا نعتبر جميع الاتفاقات مع العدو الصهيوني من كامب ديفد إلى أوسلو إلى وادي عربة ألحقت أضرارً جسيمة بالقضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية المصيرية وتخدم هذه الاتفاقات العدو الصهيوني. وإننا نحيي المقاومة في العراق وفي لبنان وفي فلسطين وفي كل أرض عربية ضد الإمبريالية الأميريكية ومن يتحالف معها ونحيي شهداء فلسطين والأسرى في كل الساحات العربية الذين عملوا من أجل تحرير فلسطين وأرض الأمة العربية من الاحتلال والغزاة الأمريكان خاصة والإمبرياليون عامة والصهاينة على وجه الخصوص.

إن المطلوب الآن من أجل وحدة وطنية حقيقية هو العمل على تحرك عملي لحمل قيادة فتح للتراجع عن اتفاق أوسلو ونهجه وتبني خيار المقاومة لأن نهج المقاومة يوحد معظم قوى الشعب الفلسطيني ومعه جماهير الأمة العربية وأحرار العالم.

كما أن اتفاقية كامب ديفيد التي وقعت عام 1978 بين مصر ودولة الكيان الصهيوني أدت إلى ارتهان مصر إلى الإدارة الأميركية وعزل مصر عن الأمة العربية وسمحت للعدوان الصهيوني على بيروت عام 1982 وضرب المفاعل النووي في العراق عام 1981 وقيام عدد من الدول العربية بالتحالف مع أميركا والغرب لغزو العراق عام 2003 وإشاعة ثقافة الهزيمة وبعدها جاءت اتفاقية وادي عربة التي تعطي الأولوية للمعاهدة على كافة الاتفاقيات والمواثيق العربية وبالتالي وكأننا استبدلنا إسرائيل بالدول العربية وسمحنا في البقاء الصهيوني في الباقورة ووادي عربة ووقعنا 24 اتفاقية مع العدو الصهيوني تتناول كافة مناحي الحياة بين الأردن وإسرائيل وأصبح من يقاوم العدو الصهيوني إرهابياً. وعندما جاء العدوان الصهيوني على لبنان في عام 2006 مباركاً ومؤيداً من الإدارة الأميركية والغرب عموماً والذي استمر 33 يوماً حيث انتصرت المقاومة في لبنان على آلة الحرب الصهيونية الأميركية ما زلنا نرى حتى اليوم محاولة حصار المقاومة وثقافة المقاومة.

العروبة في مواجهة الصهيونية والتفتيت

إن المفكر عليه تحليل الأوضاع الاجتماعية تحليلاً علمياً صارماً لتحديد المشكلة ورسم الخطوط الكبرى لحلها، إن المشكلة الفلسطينية هي مشكلة كلية هي أنها تتناول الوجود العربي في مجموعه وفي كل أبعاده الفكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها، وتضعه أمام الاختيار الحاسم وجود أو لا وجود. فهي مشكلة تتعلق بأبناء عرب فلسطين وبالأمة العربية وهي أيضاً مشكلة دولية فأي حادثة تقع في فلسطين كبيرة كانت أم صغيرة ينتقل أثرها فوراً وعبر العالم العربي إلى كافة أطراف العالم ومن الوجهة الثقافية لها المستوى الشعبي والمستوى الفكري والمستوى السياسي، فالفكر يتوسط بين الشعب وقيادته يأخذ عن الأول ويعطيه ويأخذ عن الثاني ويعطيه.

إن الفكر العربي حدد الغاية وقصر عن تحديد الوسائل ولا نستطيع الفصل بين الإثنين. إن من لا يضع وسائله بمستوى أهدافه تتشوه نظرته فيصبح شبيهاً بـ (دون كيشوت) يرى عملاقاً في عجلة الطاحونة. عندما كان الفكر العربي في بدء يقظته يستجلي أهدافه فوجئ بغزو استعماري ليس له مثيل في تاريخ العالم ألا وهو اصطناع دولة إسرائيل قلعة حربية تهدد وجوده باستمرار وهو ما يزال أغزل أو شبه أعزل من السلاح مادياً ومعنوياً.

إن الفكر العربي ما زال يجهل المعطيات الأولى للمؤامرة الصهيونية الاستعمارية وإذا قارنا رجال الفكر العرب برجال فكر الصهاينة نجد الفرق شاسع وواسع، فشخص مثل هيرتزل مثلاً عندما ألف كتاب دولة اليهود في نهاية  القرن التاسع عشر (1895) وضع الغايات ووضع الوسائل بكل التفاصيل وتم إنجاز المهمة. إن الفكر الصحيح يستبق الأحداث ويستثيرها ليخضعها لإرادته عوضا أن يخضع لها. فضمناً أو صراحة أصبح من بيده الحل والربط وفي أي مكان وجد يعتقد أن الإنسان يمكن أن يصنع كما تصنع السلعة، فالجماعات شعوباً وقوميات ودول يخطط لها مسبقاً وبقرار يجب أن تقسم وتكون تبعاً للمخطط، وكذلك الرأي العام والأيديولوجيات والأفكار (غسل الأدمغة والحرب النفسية .. إلخ).

إن الحضارة الحديثة عالمية في طبيعتها ولهذا نرى الشعوب اليوم في شرق الأرض وغربها يحرص كل منها على أن يكون صنواً دون أن يفقد أصالته المتمثلة في ماضيه وإبداعه الفكري. فالحضارة ليست في الآلة وإنما في العقل الذي يبدع الآلة.

إننا نعيش في عالم ما تزال سنته الصراع على البقاء عالم لم يشف من عقده وغرائزه المكبوتة ولم ينتصر بعد على رواسب التاريخ وليبدو أن الصراع على البقاء قد بلغ الآن من الضراوة ما لم يبلغه في أي عصر آخر. إن الآلة أعطت لمن يبدعها قوة هجومية لا حد لها. إن المفكر العربي العضوي غائب ومعظمهم يخضع للسلطان ويأخذ الراتب منه . إن المفكر الذي يتنازل عن حريته لسبب أو لآخر يخسرها ولا عذر له في ذلك لأن الحرية هي الإنسان. وكذلك الحاكم الذي يعلق الحريات يصبح أسير أفكار جامدة تفقده أيضاً حريته. إن الحرية تنشأ وتنمو في الفسحة التي يفتحها الفكر أمام العمل لتفجر إمكانات المستقبل.

إن العرب يؤلفون في المجتمع الإنساني جماعة قومية متضامنة في مصير واحد يحق لنا أن نختصم في كل الأمور وعلى كل المستويات ولكن من الجريمة والعار أن نختصم حول مسألة كالقضية الفلسطينية تهددنا في وجودنا. إن الشعب في عقله لا انفعالاته في تنظيمه لا في مسيراته. فعلى المفكر أن ينتصر على عقدة الخوف من الحاكم ويعمل على تحرير عقل الشعب لا استثارة غرائزه، ليس الحاكم الذي يحررك ويحررني وإنما نحن الذين نحرر أنفسنا. كل منا بنسبة انتصاره على غرائزه وأنانيته.

يقول الجاحظ إن العرب كما كانت واحدة فاستووا في التربة. وفي اللغة وفي الشمائل والهمة، وفي الأنفة والحمية وفي الأخلاق والسجية، فسبكوا سبكاً واحداً …. تشابهت الأجزاء وتناسبت الأخلاط حتى صار ذلك أشد تشابهاً في باب الأعم والأخص.

إن حرية أمتنا مرهونة بقادة فكر متحررين من الحاكم، قادة فكر عضويين مع جماهيرهم، مؤمنين بدورهم مهما كان الثمن ويقولون الحق مهما كان الثمن حتى يصبحوا بحق قادة الأمة ويفجروا طاقاتها ويقودوها إلى التحرير والوحدة ويتبنون ثقافة المقاومة لبناء الإنسان الحر في الوطن الحر. كما بدأت الدول العربية قبل 1400 عام حيث ظهر القادة المفكرون العظام الذي أعملوا في العقل وقادوا الأمة إلى الأمجاد التي سطرها التاريخ لهم. فهل نكون بمستواهم؟ ومهما كان الليل سواداً فإن الفجر لا بد آت.

إن الأمة العربية والقومية العربية ستتحقق بالرغم من وجود كل الحكام الذين رضخوا للعدو وعملوا المعاهدات وهجروا أبناء الأمة وعقولها حيث يوجد لنا الآن في المهاجر 60 مليون عربي فيهم عدد كبير من العلماء في كافة المجالات لهم الحق أن يعودوا لوطنهم حتى يعملوا بحرية لتطوير وتحرير المجتمع العربي.

لدينا العقول ولدينا الثروة ولدينا التاريخ ولدينا اللغة ولدينا الجغرافيا حيث نمتد إلى مساحات مهمة وخطيرة في عالم اليوم إذا أحسنا استغلالها فلا بد أن نصل إلى المجد للتحرر من الاستعمار والصهيونية والاستبداد.