محمد شريف الجيوسي

انتهز رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ، استقبال الملك عبد الله الثاني له ، لمحو قرية عربية فلسطينية من الوجود في صحراء النقب الفلسطيني المحتل منذ نكبة فلسطين سنة 1948 ..  في سلوك يفتقر للحد الأدنى من الأخلاق والدبلوماسية ، والحرص على نجاح ما يسمى الجهود المبذولة لتحقيق السلام .

ومن الواضح أن تنفيذ العملية بالتزامن مع اللقاء ( الذي لا يمكن أن يكون قد تقرر في ساعته وإنما بناء لاتصالات مسبقة ) ما يعني أنه كان بالإمكان تأجيل عملية الاجتثاث للقرية العربية ، التي شارك في مسحها من على الأرض كلياً ، قوات إسرائيلية برية وجوية واليات هدم لم تتح للمواطنين الفلسطينيين المدنيين العزّل حتى إخراج اليسير من أثاثهم.

ولا بد أن نتنياهو المخادع أراد بفعلته الخبيثة تلك  ، توجيه رسائل محرجة لمعتدلي العرب قبل مقاوميهم ، بتيئيسهم من السلام وفي آن تحميلهم مسؤولية ما يسمى فشل ( الجهود المبذولة لتحيق السلام ) تجاه (المجتمع الدولي ).. في حال اتخذوا موقفاً حازماً  ، وهو المجتمع الذي هو حقيقة الأمر ؛ يمتثل للإرادة الأمريكية من حلفاء وتابعين ومريدين طامعين بفتات مساعدات لا تغني ، وإنما تعمق الفساد والحاجة والفقر والبطالة والديْن الخارجي والتشوهات الاقتصادية .

أراد نتنياهو بتزامن الزيارة مع هدم القرية العربية ، أن يضع العرب في الزاوية ومنهم الأردن ، فإما الصمت تجاه تنفيذ مخطط إسرائيل بهدم 45 قرية عربية في  النقب  العربي الفلسطيني المحتل ، والقرية التي هدمت يوم زيارة نتنياهو هي أولى هذه القرى أو إحداها ، وهي القرى الموجودة حيث هي ، منذ ما قبل قيام الكيان الصهيوني العنصري العدواني ، وبالتالي إظهار القادة العرب بمظهر التفريط تجاه شعوبهم بكل ما قد يحتمل ذلك من نتائج وتداعيات . وإما رفضهم لاستئناف المفاوضات وتحميلهم المسؤولية ، فمن يهدم ما هو قائما وحقيقياً وأزلياً ، لا يريد السلام باختصار ، ولا يسعى إليه ، ولا يمتلك القدرة والشجاعة للسير باتجاهه ، وهو ما أثبتته الأحداث منذ كامب ديفيد في التاريخ المعاصر ، وما أثبتته وقائع التاريخ اليهودي في أوروبا على مدى أكثر من 1000 سنة  من الصراع . وليعذرنا ( الأشقاء ) من الساسة الأوروبيين في نفاقهم المخجل الراهن للصهيونية .

ما يتمناه نتنياهو وبقية الجوقة الصهيونية ، أن يبلع العرب المقلب والصمت ، ذلك أنه يحقق غايات عدة ، حيث يطبق الصهاينة برامجهم في الفصل العنصري والهدم والتهجير الداخلي والخارجي بأقل الأكلاف ، وفي آن تحويل النزاعات من نزاع عربي إسرائيلي إلى نزاعات ومشاكل داخلية لدى الدول الصامتة ، ونزاعات عربية ؛ عربية بين المغلوبين على أمرهم والداعين للمقاومة .. وسيلعب الإعلام الغربي المعادي وأجهزة الإعلام المشتراة ، دوراً في خلق وتصنيع الاختلاف والتسميات المكرسة لها .

إن ثمة حقائق ماثلة في مسألة  ما يسمى السلام ، لا تتعلق برغائب أو تمنيات أو أيديولوجيا من أي نوع ، أولها وأخيرها أن إسرائيل غير جادة في تحقيق سلام من أي نوع حتى سلام الغالب على المغلوب . وما قامت به إسرائيل من أعمال تجسس على مصر ( كامب ديفيد ) يؤكد ذلك ، كما أن فيما تقوم به من أعمال تحريض ضد ها لدى دول منابع نهر النيل دليل فاقع آخر . وما قامت وتقوم به سراً وعلنا ضد الأردن دليل ثان ، وما قامت وتقوم به من خلق إشكالات لتركية ذات  (الأيادي البيضاء ) عليها على مدى عقود ، دليل ثالث .. بل وما قامت به من أعمال تجسس ضد الولايات المتحدة الأمريكية وأخرى أوروبية ، أدلة أخرى دامغة .

وفي تزامن الزيارة مع الهدم إشكال كبير إجابته لا تحتاج إلى وقت تفكير أو انتظار .


albuhira@hotmail. com